عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

من حق أى دولة أن تصوغ شكل علاقاتها على النحو الذى يحقق مصلحتها، ولعله فى هذا الإطار تندرج، فى منظور البعض، سياسات الإمارات المتعلقة بالانخراط فى علاقات تتجاوز ما هو مألوف عربيًا، مع إسرائيل على نحو قد يرتقى بها لحد أن تكون علاقات إستراتيجية!

وإذا كانت مؤشرات مثل هذا التوصيف بدت فى العديد من المظاهر والمؤشرات منذ الإعلان عن بدء تطبيع العلاقات بين البلدين من خلال اتفاق سلام هو الإتفاق الإبراهيمى، فربما يكون ذروة هذه المظاهر– حتى الآن– باعتبار أن الأيام القادمة قد تحمل لنا الكثير، ما تم الإعلان عنه من إنشاء الإمارات لصندوق بقيمة ١٠ مليارات دولار يستهدف، حسبما أعلن الاستثمار فى قطاعات استراتيجية فى إسرائيل.

فى حدود ما أعلم فإن تلك خطوة غير مسبوقة سوى مع مصر التى ترتبط مع الإمارات بعلاقات بالغة القوة، انعكست فى تأسيس صندوق سيادى مشترك بين الدولتين نوفمبر قبل الماضى بقيمة ٢٠ مليار دولار للاستثمار فى عدة قطاعات أبرزها الصناعات التحويليّة والطاقة التقليديّة والمتجددة والتكنولوجيا والأغذيّة والعقارات والسياحة والرعايّة الصحيّة والخدمات اللوجيستيّة والخدمات الماليّة والبنيّة التحتيّة وغيرها». رغم أن تفاصيل نشاط هذا الصندوق لم يتم تناولها بشكل كبير أو حتى ذكرها منذ لحظة الإعلان عن إنشائه.

بعيدًا عن هذا الجانب فإن أهمية وخطورة الخطوة الإماراتية تجاه إسرائيل تتمثل فى طبيعة وضع هذه الأخيرة فى المنطقة وافتئاتها على الحقوق العربية وخاصة الفلسطينية، ما يتسبب فى حالة من التحفظ أن لم يكن الرفض العربى لهذا التحرك الإماراتى.

غير أن النهج البراجماتى من الإمارات يرى أنه لا يجب وضع كثير اهتمام لهذه الجوانب باعتبار أن مثل هذا النوع من التعاون مع دولة مثل إسرائيل، بالإضافة إلى الولايات المتحدة، يقدم ما يوصف بأنه «نموذج لفوائد السلام من خلال تحسين حياة شعوب المنطقة» حسبما راحت وكالة الأنباء الإماراتية تقدم خبر إنشاء الصندوق الإماراتى المخصص للاستثمار فى إسرائيل.

يلفت النظر فى المجالات التى يعتزم الصندوق الاستثمار فيها تنوعها وأهميتها الحيوية رغم تحفظ البعض بأن الإمارات لن تتجاوز أن تكون ممولًا فقط، حيث سيركز الصندوق حسبما تم إعلانه على قطاعات تشمل الطاقة والتصنيع والمياه والفضاء والرعاية الصحية والتكنولوجيا الزراعية، فضلًا عن التعاون فى تطوير نظام دفاعى متقدم ضد الطائرات المسيرة، دعك طبعًا من تسويق مثل هذا النظام الأخير على أنه يقدم عدة فوائد واسعة النطاق لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وخارجها، فذلك من الجوانب اللازمة فى تناول مثل تلك المشروعات لإيجاد أرضية يمكن على أساسها قبولها أو عدم رفضها.

بعيدًا عن بعض الطروحات التى ترى فى النهج الإماراتى بالتقارب مع إسرائيل محاولة لمواجهة النفوذ الإيرانى، حيث لا يمثل هذا الأخير فى الرؤية الإماراتية الخطر الذى يفرض مثل هذا التوجه، فإن هذه العلاقة وعلى النحو الذى يتم به صياغتها، تحقق هدف الطرفين المنخرطين فيها فهى من ناحية إسرائيل تحقق هدف احتواء إيران وتشكيل خطر عليها، فضلًا عن فتح الأجواء أمام الخروج من عزلتها فى المحيط العربى. أما على صعيد الإمارات فمن الواضح أن الإمارات لديها طموح للعب دور إقليمى كبير، وهذا حقها، وإن ساد تحفظ لدى البعض على الوسيلة، وهى فى هذا الصدد ترى فى إسرائيل إحدى الأدوات التى يمكن الاستناد إليها لتحقيق مثل هذا الدور على خلفية حالة التوحد والتماهى بين إسرائيل والولايات المتحدة.

غير أن ذلك لا ينفى فى النهاية أن فى تلك التحركات التى تمثل نوعًا من تشكيل علاقة استراتيجية بين الإمارات وإسرائيل خصم من رصيد القوة الإستراتيجية العربية فى المنطقة. صحيح أن كل الأطراف العربية شركاء فيه، إلا أن الواقع يشير إلى أن هناك من يسهم بنصيب أكبر فى تلك العملية على غير ما كان يتوقع منه فيما مضى من أيام!!

[email protected]