عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بهدوء

 

 

 

كشف السعى نحو تطبيق تشريع التسجيل العقارى، عن غياب الفلسفة الكامنة وراء التشريع، فأى تشريع فى مجتمع لابد أن يكون نابعًا من احتياجات المجتمع الحقيقية، وأن يراعى فى الوقت نفسه طبيعة ظروف الناس فى هذا المجتمع من الناحية الاقتصادية، حتى يتقبل الناس التشريع الجديد الذى صدر ليطبق عليهم.

وحين نأتى لقانون تسجيل الشهر العقارى، لابد أن نقر بأننا كمصريين فى حاجة ماسة لتسجيل عقاراتنا لنؤمنها لأولادنا ويسهل تداولها بالبيع والشراء، ولكن التشريع الذى تم وضعه لم يراع طبيعة وضعية الظروف التى يمر بها المجتمع فى ظل إصلاحات اقتصادية متصلة أسهمت فى تأكل الطبقة الوسطى، ولم يراع أن السلطة لم تنته بعد من تحصيل رسوم التقنين فى قضايا التصالح على مخالفات البناء.

وحين صدرت المادة (35) الخاصة بالشهر العقارى والتسجيل، وبدأ تململ الناس واضحًا تراجع الجميع أمام هذا التململ بسبب تعب الشعب من إجراءات الإصلاح الاقتصادى المستمرة، وليستشعر المسئولون أن الشعب نفسه انقطع، وتبدى لهم أن المطروح فى المادة وإن كان من أجل مصلحتهم، ومن أجل الحفاظ على ثرواتهم العقارية، إلا أن فيه جباية من الشعب، والناس لا تعارض الدفع من أجل هدف حقيقى مهم لهم وللدولة معًا، ولكن بالحدود التى تراعى الظروف التى تمر بها ولا يتعبها فى إجراءات التسجيل.

وهنا لابد أن نصارح أنفسنا بالحقيقة بأن السلطة فى الدولة المصرية كانت حريصة على رضاء الناس وهو ما ظهر فى تخفيف رسوم تحصيل مخالفات البناء، وكذلك تأجيل تطبيق قانون التسجيل العقارى، ولكن تكرار هذا الأمر خطأ فى حق السلطة، والخطأ الأكبر أن يتصور الشعب أن السلطة تصدر القوانين والتشريعات دون مراعاة لظروفه، كما أن سلطة الدولة لابد أن تكون قوية أمام الناس فلا تصدر قرار أو قانون دون أن تدرك أبعاد هذا القرار والقانون على الحياة الاجتماعية للناس حتى لا تتراجع فيه، وتبدو ضعيفة أمام الشعب.

ومن جانب آخر فإننا ندرك أن السلطة لها أحلامها اللا محدودة للدولة المصرية وللمصريين، فهناك مشاريع جديدة كل يوم، ووعود بمشاريع لامتناهية، وعمل متصل، وإنجاز تاريخى فى فترات محدودة يحسب للسلطة فى الدولة المصرية، ولكن قطاع من الشعب لا ينظر إلى حجم الإنجاز، ولا يفكر إلا فى معاناته مع متطلبات الحياة اليومية، ومهما خرج الإعلام ليعرض المشاريع المتصلة التى تقوم بها السلطة فى وقت قياسى فإن المصرى لا يفكر إلا فى تدبير احتياجاته الضرورية وصعوبة ذلك عليه.

ولذا فالسلطة لابد أن تكون أكثر وضوحًا مع الشعب، ولا تحمل نفسها أكثر من طاقتها بالأحلام الكبيرة مع موارد محدودة فتضطر إلى مزيد من الاستدانة، وبيع الأذونات، ويتحول جزء كبير من الموازنة إلى تسديد فائض الديون المتراكمة، وهنا لابد من ترشيد الأحلام، وتقليل الفجوة بين الأحلام والإمكانيات المادية الحقيقية، حفاظًا على استمرار التماسك فى السلطة والدولة فى لحظات فارقة فى تاريخنا.

ومن النقاط المهمة هنا أنه ينبغى فى كل المشاريع أن ندفع الناس للمشاركة والتخفيف عن الدولة، وأن يكون ذلك بمحض إرادتهم وبمشاركة فاعله لهم، وسوف يستجيب الناس حين تعبر المشاريع عن احتياجهم الفعلى، وستقر للسلطة فعلها وستعظمها، وحين يدفع الناس من الأموال الخاصة من جيوبهم سيحافظون على المشاريع التى أسهموا فيها، وهذا ما ينبغى أن يتم فى علاقة السلطة بالشعب، حتى يتعزز دور السلطة فى المجتمع، ويهتم الناس بما يتم من مشروعات ويحافظوا عليها، لا أن تقوم الدولة بالمشروعات ولا يحافظ عليها الناس، مثل إلقاء الناس الزبالة فى الترع المبطنة التى تكلفت الملايين، وكذلك ينبغى أن تفعل الدولة فى معالجة جمع القمامة، والتشجير، والعديد من القضايا المجتمعية، وهذا يتطلب مجتمعًا مدنيًا وأهليًا قويًا وسلطة محلية قوية تصل ما بين السلطة والشعب، فتعرف احتياجات الناس وتصلها بصانعى القرار، وموجهى توزيع الميزانية، فالكل لابد أن يسعى لخير هذا الوطن، من منطلق أننا جميعًا سلطة وشعب شركاء فى هذا الوطن.