عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

 

 

يموت الناس من أجل الزعيم.. ولا يموت الزعيم من أجل الناس.. هذه حقيقة اختبرتها الشعوب ألف مرة، ومع ذلك تسقط فى كل مرة ضحية لها من جديد.. ولا يكتشفونها إلا عندما يجدون بعضهم موتى.. بينما الزعيم الذى افتدوه بأرواحهم ودمائهم ينعم بنعيم بالحياة!

ولم يمت زعيم أو رئيس أو ملك فى معظم الحروب والصراعات التى شهدتها البشرية.. أو على الأقل فى القرن العشرين، بينما الملايين من الشعوب ماتت.. وعاش الزعماء.. والزعيم الوحيد الذى مات خلال الحرب هو الزعيم الألمانى أدولف هتلر (1889–1945) ورغم ذلك حتى الآن لم يجدوا له جثة تؤكد موته انتحارًا بعد هزيمته فى الحرب.. أم أنه هرب وعاش ومات على سريره باسم آخر وشخصية أخرى مثل عشرات النازيين الذين هربوا!

وكنت أتصور، حتى يوم اقتحام أنصار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب مقر الكونجرس يوم السبت 9 يناير الماضى، أن الشعوب النامية (لفظ أحب استخدمه بدلًا من المتخلفة لأننى على الأقل منها).. هى وحدها التى تموت من أجل زعمائها، ولكن فى هذا اليوم مات خمسة مواطنين من أعظم دولة متقدمة، وهم يهتفون مثلما هتفنا من قبل مئات المرات، بالروح بالدم نفديك يا.. ترامب، وللأسف ماتوا بينما ترامب سيعيش كملياردير ورئيس سابق فى نعيم الدنيا!

مسألة الزعيم.. الأوحد هى قديمة قدم البشرية، كان الزعيم فى البداية يمثله الأب فى الأسرة الصغيرة، أو كبير العائلة لمجموعة من الأسر (كان يحلو للرئيس أنور السادات «1918م–1981م» أن يقال عليه إنه كبير العائلة).. ومع تطور البشرية قليلًا تطورت فكرة الزعيم عند الناس عندما جعلوا من الآلهة زعماء، ومن الملوك آلهة عند الفراعنة واليونانيين.. وغيرهم، حتى وصلنا إلى القرن العشرين وأصبح الزعيم فى الغرب مجرد رجل عادي يمكن أن تراه يمشى بين الناس فى الشارع، ويقود دراجة، ويركب المترو بين الناس العاديين.. بينما استمر الزعيم فى معظم الدول النامية (بدلًا من المتخلفة).. نتعامل معه على إنه نصف إله.. يصيب دائمًا فى حياته ولا نعرف أخطاءه إلا عندما يموت!

وظهر لقب الزعيم فى مصر مع (محمد كُريم) وكان حاكم مدينة الإسكندرية، وأصدر نابليون بونابرت قائد الحملة الفرنسية أمرًا بإعدامه رميًا بالرصاص عام 1798، بعد الاستيلاء على المدينة، فأطلق عليه الشعب والتاريخ لقب الزعيم!

وكان الزعيم التالى هو عمر مكرم (1750–1822) الذى قاوم الفرنسيين فى ثورة القاهرة الثانية سنة 1800. وكان له دور فى تولية محمد على حكم مصر، الذى نفاه بعد ذلك إلى طنطا وتوفى فيها. ثم أحمد عرابى (1841–1911)، قائد الثورة العرابية ضد الخديو توفيق، ووصل إلى منصب ناظر الجهادية (وزارة الدفاع حاليًا)، الذى أطلق عليه لقب الزعيم بعد وفاته!

ثم أُطلق لقب الزعيم على مصطفى كامل (1874–1908)، وسعد زغلول (1858م–1927م)، ومصطفى النحاس (1879–1965) الذى اشتهر بلقى الزعيم خالد الذكر، بينما الرئيس جمال عبدالناصر (1918 – 1970)، كان لقبه الأشهر الزعيم الخالد، وذلك بعد وفاته المفاجئة!

ورغم أن لقب الزعيم، بمعناه السياسى الديكتاتورى انتهى فى العالم العربى بإعدام أمريكا لصدام حسين، وإعدام الليبيين لمعمر القذافى، واللذين يعدان آخر من حملا هذا اللقب بعد أشهر الزعماء العرب وهو الزعيم الرئيس جمال عبد الناصر.. إلا أن اللقب لم يمت بموتهم وأعاد إحياءه الرئيس الأمريكى دونالد ترامب الذى بدا عنصريًا فى سياساته تجاه كل شعوب الدول النامية، ولكنه استعار أسوأ ما فيها وهو جنون العظمة كزعيم.. الذى تقاسمه مع كيم جونغ أون زعيم كوريا الشمالية.. ليكونا آخر زعيمين مجنونين فى العالم.. أو لعل ذلك!

[email protected]