رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

التابوهات أو المحرمات أو المقدسات أو الممنوعات الثلاثة الشهيرة هى الدين والجنس والسياسة. ومع الثورة الصناعية فى أوروبا وكتابات كارل ماركس وفرويد ونظرية داروين سقطت سلطة الدين وهيمنة الكنيسة على الحياة فى أوروبا، ومع الحربين الأولى والثانية سقطت هيبة الملكية والدماء الزرقاء والامبراطوريات الكبرى فى العالم وظهرت الامبراطورية الجديدة فى القارة الأمريكية، تلك الامبراطورية السياسية التي تحكم العالم وتتحكم فى البشر عبر الفضاء والاعلام والفن قبل العلم والصناعة والثقافة.. وبهذا سقطت أيضًا السلطة السياسية ولم تعد السياسة من التابوهات أو المحرمات مثلها مثل الكنيسة والدين وإذا بالاعلام يأخذ مكان الثقافة والكتابة والفكر وحتى الفن ما هو إلا صناعة وتجارة واستعمار فكرى وسلوكى يؤثر فى البشر على كافة أنحاء الكرة الأرضية ومع العولمة وسقوط الحدود الفضائية وبدايات الشبكات الالكترونية العنكبوتية تحول العالم إلي لعبة كبيرة يديرها من يملكون مفاتيح العلم والتكنولوجيا مع الصناعة الاعلامية فإذا بالعالم القديم ينهار ثقافيًا وفكريًا وسلوكيًا وإذا بالشعوب التي عرفت باحترامها للقيم والعادات والتقاليد تصبح علي شفا الزوال بعد أن استخدمت الامبراطورية الجديدة كل أدواتها الشيطانية الاستعمارية لتدمير تلك البلدان والشعوب عبر الدين والجنس والسياسة فى منظومة غير مسبوقة.

ثم أصبح الدين فى البلدان العربية والافريقية تابوهًا مغلقًا لا يمسه إلا الإرهابيون والمتعصبون فيتفرق أهل البلد الواحد مثله مثل السياسة التي هى صراع على السلطة والحكم من منطلق دينى أو عرقى أو عقائدى أو قبلى حتي وصل الحال إلى ميليشيات صغيرة وجيوش تحركها قوى كبرى تمدها بالسلاح والتدريب لتدمير الشعوب وللحصول علي الأموال والموارد مقابل الدم والقتل والدمار.. وظل الفن شاهدًا علي الانهيار الاخلاقى والتدهور الثقافى مترجمًا ومعبرًا ومصورًا لكل ما يجرى من منطلق الواقعية الجديدة والتعبير عن الواقع وأن الفن إبداع وحرية لا علاقة لها بالاخلاق ولا القيم ولا المعايير الانسانية والتقاليد والأعراف والهوية.. وفى مصر قد يسجن من يملك القلم أو الفكر المعارض أو المخالف فى الدين لأن هناك قوانين تتعلق بمواد تمنع الحرية فى التعبير عن الرأى الصادم أو المخالف فى الدين، وأى محاولة للدخول إلي التابوه المقدس فإنها تقاوم وتحارب ويصل الأمر إلي السجن والحبس والغرامة والإرهاب الفكرى لأى مجتهد أو أى مخالف سواء عبر الكتابة أو الاعلام.. وفى هذا افتراء علي حرية الفكر والعقيدة وسلب للحريات وتدعى علي الدستور، وفى السياسة نجد أن القضية شائكة ومرتبكة لأن الوضع الأمنى والقومى يتعرض للحرب والهجمات الإرهابية ومن ثم فإن الاعتراض أو الاختلاف السياسى إذا وقف عند حدود التعبير الشخصى أو الدوائر الضيقة فإنه اختلاف حر لا يجد من يوقفه أو يمنعه أو يسجنه، لكن حين يتعدى هذا إلى خلق شبكات عنقودية ومواقع الكترونية أو برامج اعلامية تثير الرأى العام وتصدمه وتزلزل أركان الدولة وتضرب ثوابتها وأمنها وتبث الفرقة والخلاف تجاه الشرطة أو تهين أفرادها أو جيشها مرة أخرى من منطلق حرية الرأى والفكر فأننا فى تلك الحالة تجاه تنظيم وتخطيط وتدبير لزعزعة الأمن والاستقرار مستغلاً حالة السيولة والانهيار الخلقى والسلوكى وعدم الانتماء للعديد من الشباب والكبار الذين يتملكهم التعصب الدينى أو المذهبى أو السياسى ولا يفكرون إلا فى الهدم والتدمير والثورة لمجرد الوصول إلى السلطة أو إلي تمكين الاستعمار من البلاد.. وكل ما يحدث سببه الفن الهابط الذى هو تابوه لا يقدر أحد على التعرض له أو التدخل فيما يطرحه أو يقدمه ولم نجد حتى يومنا هذا قضية تقام ضد من يدمر اللغة والسلوك ويملأ السينما المصرية والاعلام بكافة ألوانه وأشكاله بالعنف والجنس والعرى والسباب والاسفاف اللغوى والسلوكى حتي أصبح القبح والرذيلة والفساد والخطيئة مبررًا ومحببًا ومن يقتل أو يزنى أو يرتكب الفاحشة له دافع من الفقر أو الجهل أو القهر المجتمعى أو السياسى الأمنى، المهم أن الشباب والمراهقين أصبحوا قنابل موقوتة تبرر الخطأ وتلقى بالتهم علي المجتمع والكبار والمسئولين وتغسل ايديها من كل رذيلة وذنب وتستبيح الأعراض والدماء والمال لأن الكل فى نظرها وعرفها فاسد ومخطئ فلماذا يكونون هم الابرياء الاطهار فى هذا المجتمع.. الفن لم يعد فنًا والأعلام ما هو الا صناعة للدمار والخراب والحرية هى حرية الفوضى والأنانية وكل ما يؤجج نيران الفرقة داخل الوطن.

التابوهات الثلاث من دين وجنس وسياسة تسجن حرية الفكر المخالف أو المعارض والقلم الذى يبغى البناء والتغبير بينما تترك الفن والاعلام الذى يدمر الاجيال والأوطان من منطلق حرية الابداع والرأى واختلاط المفاهيم وتضارب القيم حتى وصل بنا الحال إلي تمجيد الزيف والتطاول والاباحية والفوضوية من أصوات لا تدرك مغزى الحرية وأنها مسئولية أو الأدب والأخلاق واحترام الآخر وفكره وعقيدته وسياسته ودينه، توجهه حق وواجب وأن استخدام القوة أو التعرض للآخرين لمجرد إثبات الرأى جرم فى العرف والتقاليد والقانون.. كسرنا كل التابوهات بالفوضى حتى كسرنا أنفسنا ومستقبلنا ويظل للفن حرمته وابداعه وللقلم قيمته وللكلمة مكانتها ووضعها فيما لا يجرح أو يدمى.. وتلك هى الحرية والقيمة.