رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

كانت ذروة سنام الرومانتيكية السياسية المتكئة على أحلام التحرر من أغلال وقيود الاستعمار البغيض وبزوغ شمس الملهمين الحالمين بمستقبل مشرق للجنوب الفقير أمثال جيفارا وكاسترو وناصر ونهرو فى العقدين الخامس والسادس من القرن المنصرم ولمن لا يعرف كان مؤتمر باندونج النواةَ الأولى لنشأة حركة عدم الانحياز حدثا استثنائيًا بمعنى الكلمة فجر ينابيع الابداع عند كثير من الادباء والفنانين حول العالم وعلى رأسهم شاعرنا الفحل (تاج السر الحسن) صاحب انشودة اسيا وافريقيا الشهيرة والتى نظمها فى محبة أيقونات الاستقلال غاندى وسوكارنو وكنياتا ولكن طغت كاريزما مصر الناصرية عليها بالرغم من حضور اسماعيل الازهرى الرئيس السودانى للمؤتمر وآخرين فقد سطر التاريخ تلك الأبيات الخالدة بأحرف من نور

مصر يا أخت بلادى يا شقيقة

يا رياضا عذبة النبع وريقة

يا حقيقة

مصر يا أم جمال وأم صابر

وتكمن موهبة تاج السر فى الربط بين رمزية أم صابر تلك المرأة البسيطة التى كانت تخبئ الذخيرة فى ملابسها وتوصلها إلى الفدائيين ورمزية أم جمال ذلك الزعيم الثورى الشاب الذى كسر البرتوكول وصعد إلى خشبة المسرح القومى السودانى ليقبل المطرب عبدالكريم الكابلى حينما كان يتغنى بها بنغمات المقام الخماسى الشجى والذى لطالما احبته وألفته الاذن الذواقة وهى تستمع لعذوبة صوت محمد وردى عبر اثير إذاعة وادى النيل من القاهرة وهى المدينة التى احتضنت توقيع نميرى والسادات على اتفاقية التكامل والتى مهدت لمبدأ الحريات الأربع التنقل والإقامة والتملك والعمل لذا تشرف مصر المأمنة بأولياء الله بإقامة (4 ملايين زول) يعيشون كمواطنين من الدرجة الأولى فى هارمونى عجيب دونما أى حساسية شوفينية، تخيل لو ان ربع هذا العدد فقط بين اى دولتين عربيتين مهما كان التجانس العرقى والثقافى بينهما لحدث ما لم يحمد عقباه.

وللأسف مع انقلاب البشير الخطير على حكومة صادق المهدى رحمه الله وتغلل أفكار حسن الترابى المتطرفة فى أوصال نظام الحكم وتأثيرها على المجتمع الذى أضحى أكثر حساسية تجاه أشقائه وجنح إلى الغلو وابتعد قليلًا عن سماحة التصوف المعروفة عنه ومنذ ذاك الحين تعكرت صفو هذه العلاقة الفريدة لاسيما بعدما تورط نظام البشير برعونة فى محاولة اغتيال مبارك فى أثيوبيا والذى اتخذها حجة مفتعلة ليعزل مصر عن محيطها الحيوى والذى ما زلنا ندفع ثمن هذه السياسة الخرقاء حتى الآن.

لا ريب أن علاقات الأمم تمر بمنعطفات حادة قد تصل لفتن يشيب لها الولدان هنالك يكتشف أطرافها مدى عمق وصلابة هذه العلاقة فقد تعرض وادى النيل لأحداث جسام من ثورات وتغير نظم حكم واتضح بما لا يدع مجالًا للشك وحدة المصير أمام التحديات والمخاطر العظام والتى كان آخرها كارثة الفيضانات المدمرة نتيجة الملء الاول لسد اثيوبيا وهو ما جعل الاشقاء يعيدون حساباتهم الضيقة تجاه المفاوضات العبثية التى لا تنتهى ويعقدون العزم على التعاطى بحزم مع ألاعيب أبى أحمد وهنا يحسب تصريح اسماء عبدالله وزيرة الخارجية، إن اثيوبيا إذا واجهت موقفًا قويًا من بلادى ومصر بألا يتم ملء سد النهضة قبل الوصول إلى اتفاق ستفكر فى الأمر مرتين، وهو ما أصبح واقعًا جسدته مناورات نسور النيل التى يكفى اسمها فقط حتى تدرك اثيوبيا أن للنهر الخالد بعد الله حراس تحميه ويقال إن الأشقاء سمعوا أزيز المقاتلات المصرية الملحقة فى سماء جنوب الوادى وهى تشدو للشيخ سيد بظرفه السكندرى (مافيش هاجة اسمه مصـرى ولا هاجة اسمه سودانـى.. نهر النيل راسه فى ناهيه رجليه فى الناهية التانى) ويأتيها صدى صوت قاعدة مروى مرحبًا منور دارك يا زول.