عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رؤية

معلوم أنّ بناء مجتمع عصرى يحتاج اليوم إلى جبهة أمامية واعية للتحرك .. جبهة مدعومة بمبادئ الفكر المعاصر ومقدماته.. جبهة لديها مقومات وآليات إعادة بناء المجتمع من جديد ، وأرى أنّ إحياء فكر ومفاهيم الاستنارة بحاجة إلى مشروعات تحديث واسعة النطاق فى العقلية وتبديل الذهنية التى باتت مركّبة ومنغلقة ومتناقضة إلى موحّدة ومبسطة ومنفتحة بتغيير المناهج التربوية والتعليمية، واستحداث قوانين جديدة، وزرع قيم فكرية نقية تتقبّل الأشياء، و ذلك لتخليص المجتمعات من ترسُّباتها وأمراضها المستعصية، إضافة إلى ولادة نخب لها ثقافتها الحقيقية التى تعتنى بالمبدعين، وإشباع الناس لحاجاتهم الضرورية، وتهذيب أذواقهم، وتجديد أساليبهم فى الحياة، وزرع قيم جديدة فى التعايش مع الآخر، وتقبّل أفكاره الإيجابية مع احترام الزمن، ودقة الإنتاج، ونقد الظواهر، وإتاحة الفرص للحرّيات، وتهذيب الأذواق، وتجديد القيم، والاعتناء بالثقافة العامة، وتحديث المؤسسات فى الدولة.

ومعلوم أيضًا أنّ تنوير العقل من أصعب المهام التى تناط برجالٍ بُناةٍ من النهضويين الحقيقيين الذين لديهم القدرة على تربية أجيال جديدة كى يكونوا مادة أساسيّة فى ازدهار مجتمعاتنا إبان القرن الحادى والعشرين.

. إننى واثق بقدرة مجتمعاتنا  على الاستجابة للتحدّيات التاريخية، وكما أنجبت فى الماضى أجيالًا من المبدعين والعمالقة فى الفكر والأدب والفن والعلوم وصنع الحياة المتحضرة، فإن أبناءهم وأحفادهم لهم القدرات نفسها، وخصوصًا فى توظيف وسائل العصر الحديث ليتفوّقوا فى مجالاتهم ويكون لهم تأثيرهم فى هذا العالم.

إن الواقع البشرى ينطوى على مفارقة صارخة بين ما نملكه من إمكانيات عظيمة وقدرات هائلة فى كثير من  جوانب الحياة، وبين العجز عن معالجة مشكلاته، فنحن غالبًا تخدعنا الإنجازات الحضارية الهائلة فى المجالات العملية والمهنية، وفى مجالات الوسائل والأدوات والتنظيم والمؤسسات والنُّظُم، فنتوَهَّم أن البشرية أفرادًا ومجتمعاتٍ وأممًا، قد قطعت مراحل متقدمة جدًّا من سلامة التفكير وعُمْق الإدراك،  وأنها قد تجاوزت التفكير البدائى التلقائي، وأنها قد بلغت مستوى الرُّشد القائم على التحقُّق الموضوعى فى كل أمورها، ولكن بقراءةٍ فاحصةٍ للتاريخ الإنساني، وبالتأمل العميق فى ما يجرى فى العالم تنجلى الحقيقةُ المفزعة، وهى أن البشرية فى شكل عام ما زالت من الناحية الفكرية والأخلاقية تعيش فى مستوى بدائيّ سحيق غارق فى التخلف والبؤس لو لم نذهب بسرعة وجدية إلى درب التنوير وبذل الثمن مهما بلغ تعاظمه وصعبت آليات تحقيقه . .

وأمام هذه المفارقة الصارخة بين التطور الحضارى المذهل فى وسائل وأدوات الحياة وفى القدرات العملية، مقابل التخلف الشديد لعموم الناس ولأكثر القيادات الثقافية والسياسية فى العالم فى الجوانب الفكرية والأخلاقية والحكمة، قياسًا بما تحقق من إنجازات علمية وتقنية عظيمة.. إن فهم هذه المفارقة الصارخة لا يتحقق إلا بقراءة تاريخ الحضارة قراءة فاحصة متأملة واعية بكل معطيات الواقع دون مبالغة أو تزييف .

[email protected]