رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فكرة

 

 

 

اكتسب المفاوض الإثيوبى فى مسألة سد النهضة خبرة النفاوض من أجل التفاوض من إسرائيل . فهى خبرة تمعن فى إضاعة الوقت، تحول دون التوصل إلى نتائج، ونتيجتها المؤكدة هى تثبيت الأمر الواقع، ودفع الطرف الآخر للتنازل، للقبول بفتات تسويات مهترئة. لكن الغائب فى تلك المعادلة، أن المفاوض المصرى، ليس من ذلك النوع الذى يتصوره الإثيوبيون. ويروى بطرس غالى فى كتابه طريق مصر إلى القدس، أنه فى مفاوضات كامب ديفيد، أدرك وفد وزارة الخارجية المفاوض، ذلك الأسلوب الإسرائيلى المراوغ، فوزع الأدوار بأن يبدى الرئيس السادات بعض المرونة، بينما وفد الخارجية يرفض تلك المرونة ويتشدد فى التفاوض ويضع العراقيل أمام التوائها، وهو ما دفع الإسرائيليين لوصف الوفد «بعصابة وزارة الخارجية».

ما زالت تلك العصابة تهيمن على سياسة الخارجية المصرية حتى الآن، لأنها ترسى مبادئ وقيم وعقيدة أن التنازل عن الحقوق أمر دونه خرط القتاد، والقتاد نبات صلب له أشواك مسننة.

فشلت الجولة الأخيرة من مفاوضات سد النهضة التى دعا إليها السودان عبر تقنية الفيديو كونفرانس، وبدا التعنت الإثيوبى سافراً ومتمثلاً فى عدم توافر الإرادة السياسية للتوصل إلى توافق على أسس للحل يرضى الأطراف الثلاثة، ويضمن حقوقها المائية والتنموية، ليس فى جولات التفاوض فحسب، بل خارجها أيضاً، حين هدد رئيس أركانها بأن المصريين والعالم يعرفون كيف أن بلاده يمكنها إدارة الحرب كلما حان وقتها، مع أن لفظاً واحداً للتهديد باستخدام القوة لم يصدر عن أى مسئول مصرى!

قبل تسع سنوات انتهزت إثيوبيا فرصة الربيع العربى الذى أحال دوله إلى خريف حالك السواد، وشرعت فى بناء السد، وهى تعلم أن القانون الدولى للموارد المائية غير الملاحية، يحظر اتخاذ إجراءات بشأنها للدول المتشاطئة على حوض نهر واحد، كما أنها ليست فى حاجة للمياه كحاجة مصر والسودان لها، فمشروع السد هو لبناء أكبر محطة للطاقة الكهرومائية فى القارة الأفريقية، لتلبية احتياجات إثيوبيا التنموية التى يساعد عليها بطبيعة الحال توليد الكهرباء .

نشطت إثيوبيا من أسلوب التفاوض من أجل التفاوض منذ بدء المفاوضات عام 2013، وعملت على الفصل بين الموقفين المصرى والسودانى بهدف إضعاف الموقف التفاوضى المصرى، ورفض السودان التوقيع على اتفاق جزئى بشأن ملء السد وتشغيله وتمسك باتفاق يضمن كل مراحل الملء والتشغيل طويل المدى، وأن ينطوى كل اتفاق على آلية للتنسيق وتبادل المعلومات، بما يضمن سلامة السد، ويحد من الآثار البيئية والاجتماعية التى تترتب على بنائه وتشغيله، لا سيما وسد الروصيرص السودانى يبعد بعدد قليل من الكليومترات عن السد الإثيوبى.

 لم تسع الحكومة الإثيوبية فى أى لحظة، لتفهم المبررات العقلانية التى يسوقها المفاوض المصرى للتوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن وشامل كما يدعو وزير الخارجية سامح شكرى، يحد من الآثار السلبية المحتملة على دولتى المصب، ويحفظ الحقوق المائية للطرفين، خاصة أن مكتباً استشارياً فرنسياً سبق أن أكد حدوث تلك الآثار، لكن أديس أبابا رفضت تقريره !

أقسم «آبى أحمد» بالله العظيم فى القاهرة ألا يمس السد بمصالح مصر المائية التى تعتمد بخلاف إثيوبيا على مياه النيل بنسبة 95%، ونقض قسمه فى أديس أبابا، حين حول مشكلة المفاوضات مع مصر إلى ورقة فى معركة إعادة انتخابه، فضلاً عن قراره برفض وفده التوقع على اتفاق واشنطن فى فبراير الماضى برعاية من وزارة الخزانة الأمريكية والبنك الدولى، برغم التوصل لاتفاق على نحو 95% من النقاط المتعلقة بالجوانب الفنية .

ما زال مسار واشنطن مفتوحاً أمام مصر، وقضية ملء السد وتشغيله لا علاقة لها بمسألة السيادة كما يزعم أبى أحمد، بل بالقانون الدولى الذى يبيح لمصر الحق فى اللجوء إلى تحكيمه.

ويبقى التلويح بالحرب من أى جانب، ​طريقاً مسدوداً، فتوقفوا عن إغارة الصدور لأنها لو انفجرت فستوجه لمطلقى الصيحات صيحاتها!