عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نحو المستقبل

لاشك أن كلا منا اليوم يعيش حالة من القلق والخوف والترقب وهذه الحالة شبه المرضية التى نحياها جميعًا تسببت فيها هذه الجائحة التى تجتاح العالم والمعروفة بجائحة كورونا كوفيد 19 حيث إن ما نراه من هذا الفيروس العجيب دقيق الحجم كبير الأثر فى الفتك بالبشر مسألة تدعو بالفعل إلى الخوف والقلق ؛ فقد بدأنا نسمع عنه منذ نهايات العام الماضى عام 2019 م و قلل الجميع  وعلى رأسهم كبار العلماء المحتصون ومنظمة الصحة العالمية وشاركهم فى هذا بعض رؤساء الدول والحكومات من شأن هذا الفيروس وخطورته مؤكدين أنه مجرد نوع من أنواع الفيروسات التى تجمعها عائلة كورونا  وأن طبيعته المستجدة لن تستعصى على العلاج بل حدد بعضهم موعدًا لانتهاء هذه الجائحة فقالوا إنها ستنتهى مع بداية ابريل 2020م أو فى 12 من ذلك الشهر على الأكثر وبعضهم زاد على ذلك شهرا آخر لما بدا أن الموعد السابق قد اقترب ومع ذلك يواصل الفيروس الانتشار ويمارس هوايته فى القضاء على حياة الآلاف من البشر دون توقف . ومن هنا زادت المخاوف ؛ إذ رغم شدة الاجراءات الاحترازية التى أخذتها الدول والتزم بها الأفراد من إغلاق معظم الأنشطة التعليمية والرياضية والتجارية وإغلاق الحدود والطيران وحظر التجول ... إلخ. ظل عدد المصابين بالمرض يزداد إذ أصبح عددهم الآن وفى اللحظة التى أكتب فيها يزيد على ثلاثة ملايين ونصف كما زاد عدد الوفيات حول العالم عن ربع مليون إنسان. والمرعب أن بعض الدول بدأت تتخبط فتعيد السماح بالخروج من العزل وممارسة بعض الأنشطه فى الوقت الذى أعادت بعضها الأخرى إغلاق تلك الانشطة والعودة إلى الحظر والعزل الكامل بعد أن كانت قد سمحت بها   وأصبح مواطنو العالم حيارى خائفين لايثقون فى أى شيء ولا فى أى بيانات فما يرونه على أرض الواقع يكذب وكثيرا ما يتناقض مع كل ما يقال فأعداد المرضى تزداد مع زيادة حالات الشفاء رغم عدم وجود علاج معتمد وناجع مع كل مايتردد يوميا حول هذا العلاج أو ذاك أو قل مع هذه الوصفة أو تلك من وصفات العلاج!!

فما الحل إذن  وكيف ننجو كأفراد من هذا الخوف وما هذا القلق الذى يسيطر علينا وكاد يحولنا من شبه مرضى نفسيين نعانى الخوف والقلق النفسى إلى الشكاية من أعراض أمراض جسدية كثيرة ؟!

إن اللجوء إلى العلاج بالفسفة هنا قد يكون مفيدا.  ولاتتعجب عزيزى القارئ فالعلاج بالفلسفة قديم قدم نشأة الفلسفة فى الشرق وبلاد اليونان ولنأخذ مثلا على ذلك من واحد من كبار الفلاسفة المعالجين قديمًا وهو الفيلسوف الرواقى سينكا( المتوفى 65 م ) ؛ فقد بعث إليه  أحد أصدقائه يشكو من أنه كان يعمل مسئولا مدنيا فى صقلية وأن ثمة دعوى قضائية قد رفعت ضده قد تنهى عمله وتشوه سمعته إلى الأبد ، فأجابه سينكا قائلا : قد تتوقع أننى سأنصحك بتخيل نتيجة سعيدة وأن تستسلم لإغراءات الأمل ! ولكننى سأدلك على راحة البال من طريق آخر يمكن تلخيصه فى نصيحة كالآتى : لو أردت التخلص من كل القلق فيجب عليك أن تتخيل أن ماتخشى وقوعه سيقع فعلا، ولكن الطمأنينة قد تكون الترياق الأقسى للقلق فإذا كانت توقعاتنا الوردية تترك الشخص القلق غير مهيأ للأسوأ فإن الوضع سيكون كارثيًا لو حلت النتيجة السيئة ، ومن ثم فعلينا أن نتوقع بأن الأمور السيئة قد تحدث ولكن من الأرجح فى هذه الحالة أنها لن تكون أسوأ مما توقعنا وعلى ذلك ينبغى أن نتخلص من الخوف الذى يسبب لنا القلق ونكون أكثر طمأنينة . لقد تلخص دور سينكا كمعالج هنا فى أنه قد ركز على زيادة وعى صديقه بموضوع القلق الذى يعانيه وصحح مسار تفكيره بضرورة أن يتقبل ماهو أسوأ والتعايش معه دون أن يؤثر ذلك على عواطفه .

والمغزى من هذه الروشتة العلاجية أنه كان علينا من البداية أن نتوقع الأسوأ لنأخذ حذرنا ونجهز أنفسنا للتعايش معه لا أن نبدأ بتوقعات وردية زائفة فنكتشف كل يوم أن الأسوأ لم يأت بعد ومن ثم نتحول من خائفين وقلقين إلى مرضى بالوساوس القهرية التى قد تقودنا إلى الجنون، وإلى كل ماهو أسوأ فلا نموت من الفيروس – الذى يمكن أن نصاب به  ونشفى منه – بل نموت من الخوف والرعب والوساوس الناتجة عن الخوف والعزل الانفرادى وما يصاحبهما من وساوس قهرية وأعراض الجنون والأمراض العصبية . إن علينا اليوم وبعد كل ماعانيناه من مخاوف أن نتوقع الأسوأ وأن نتصرف بحذر وفقًا لذلك فإن جاء الأسوأ فلن نجزع منه لأننا توقعناه ومستعدين للتعايش معه  وإن جاء الأفضل فرحنا به وعدنا إلى حياتنا الطبيعية بعد أن أخذنا الدرس ووعينا العبرة منه فلا تتكرر أخطاؤنا بعد ذلك .

[email protected]