عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

 

معذرة يا حبيبتي على فراق لم أسع  إليه يوما.. تعرفين انني  كنت أعشق القمر قبل أن يموت حزنا أننا أهملناه ولم نعد نغني له، ونسهر أمام  خيمته الفضية.. معذرة حبيبتي فأنا لم أخن وليس من طبعى الهجران، ولكنني فقدت انسانيتي وسط الزحام، وكأنها محفظة الحب سرقها اللصوص وتركوني عاريا من مشاعري لا يسترني بيت شعر ولا آهة كلثومية أو دمعة حليمية كم طهرتني من جراثيم القبح التي بدأت بغزو مدينتنا  قبل خمسين عاما، ونحن منشغلون بوداع قمر الأوطان.   

 معذرة حبيبتي أنني لم أكتب لك خطابا بماء الورد من سنين طويلة، لقد قصفت الأقلام وحرقت الصحف ولم يعد العاشقون كما كنا، أنهم يكرهون الورق ولا يطيقون الأقلام لأنهم مدمنون للحب داخل حسابات رقمية  لا تعرف عطر المعاني.. معذرة يا حبيبتي لقد طالت سنوات البعاد والصمت  وألقت بنا أمواج الغربة على شواطئ الأنين جثثا هامدة بلا روح ولا بوح.. شواطئ ليس في سمائها قمر ولا نجوم بعد أن غزتها الأقمار الاصطناعية وحجبتها موجات الدخان الأزرق والأسود.. لقد ألقوا بقمرنا في الجب مقيدا بضفائر ربات الشعر والجمال.. وتسألينني ألم يمر سيارة فينقذوا يوسف ويصحبوه لبيت العزيز؟

 كيف يا حبيبتي ولم تمر بقريتنا قافلة حب منذ قرون، والجب ردموه فوق يوسف.. وماذا لو كان يوسف قد حملوه لبيت العزيز، كان سيلقى نفس المصير يا حبيبتي، العشاق في أزمنة القحط متهمون بإضعاف الأوطان  ومطلوب القبض عليهم والتنكيل بأشعارهم  وخلع عيونهم من مآقيها .. لا تعتبي على حبيبتي وتقولي إنني تركت جوادي وترجلت خيباتي وفقدت سيفى دونما قتال.. أنا لست جبانا يا قمرى ولكنى استيقظت صبيحة يوم أسود لأجد صحراوات عروبتنا قد غزتها جياد غريبة وجنود بيض يرطنون لغة متكبرة.. ماذا أفعل أنا بسيفي المكسور.. ماذا أفعل وقد جردوني على البوابة من كرامتى.. حتى آخر رسالة حب منك كنت أضعها حجابا فوق صدرى مزقوها، ولما تذللت لهم أن يتركوها لى ويأخذوا روحي أخبروني أنهم هنا ليعتقلوا مشاعرنا ويعلقوا المشانق لرسائلنا.. إنهم هنا للانتقام من أحفاد صلاح الدين وناصر ونزار قباني وأم كلثوم ونجيب محفوظ والحكيم وطه حسين وجمال حمدان.. إنهم هنا لقتل إنسانية الأوطان التي يجب أن تموت ليموت بعدها كل شيء..  حبيبتي - لقد تغير كل شيء  - حتى أولادنا وأحفادنا هجروا كل ما أحببناه وعشقناه ورقصنا حول ضوئه في ليالي الصيف وتغطينا به من برد الشتاء .. إنهم يعشقون البيتزا وموسيقي الروك والأفيون ويكرهون خبزنا وشعرنا وقمرنا.. حبيبتي لقد تسممت السماء وما عادت سقفا لأماننا.. تسممت بآلاف الأقمار التي تمطرنا بموجاتها وصورها وتلصصها حتى على همسات أجسادنا.. حبيبتي لا تسأليني أي زمن موحش هذا الذي نحياه .. هكذا الحب في زمن الكورونا يا حبيبتي.. عيون باردة لا قمر بليلها.. أصابع خشبية لم تتعلم يوما وشوشة الضفائر وفك ألغاز تمنعها .. قبلات هاربة من حظائر الموت والملل.. حشيش وأفيون ودولار ونار وحروب ودواعش وسجون – تلك يا صديقتي مفردات قواميس زماننا.. لقد أجبرنا في زمن الكورونا يا حبيبتي أن نهرب  كالفئران المذعورة الي شقوق خوفنا دون حياء، وفجأة وبعد سنين من التيه في شوارع الشهوة التقى الغرباء والفرقاء، وبشق الأنفس تعرف حسن الى نعيمة بعد أن شاخا أطفالا منذ سنين.. وتسأليني حبيبتي لماذا تغيرت بعد هذه السنين.. تتساءلين الآن أين قيس بن الملوح وبشار والبحتري والمتنبي وشوقي وناجي وأمل دنقل.. لا يا حبيبتي.. أنا بقايا رجل كان يوما من فرسان الشعر.. خيمات قبيلتي كانت عند خط الاستواء لا تنطفئ بليلها قناديل المروءة.. ثم كان حادث المعراج حبيبتي يوم هبط معاوية بأرض أحفاد الروم سائلا السلام.. ومن يومها ونساء قبيلتي عند خط الاستواء يقتلهن برد الصيف كما يصعقهن صمت الشتاء.. تسألينني هل ستحصد الكورونا أرواحنا؟  صدقيني حبيبتي لو قلت لك إن الكورونا ستندم أنها قد هاجمت يوما مدينتنا، لأنها لم تجد بقصورها وحاراتها وأذقتها إلا هياكل حب عارية يمصها الفيروس ثم يلعن حظه.