عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

 

 

 

ليست بطولة منى ان اخرج لمواجهة احتمالات الموتة الكبرى، او الإصابة بالمرض التافه فى كينونته، الشرس فى أنيابه التى ينشبها ليعطل بها أنفاس الحياة ويقضى على مخزن الأكسجين ويدمرها متكاثرا، ليست بطولة ان أغادر منزلى لمشاركة زملاء مهنتى المستثناة  من اى طوارئ او حظر فى كل الأزمنة، الصحفيون والإعلاميون هم جنود فى اماكنهم مع اختلاف دورهم مقارنة برجال الجيش، الشرطة، الأطباء، بدوننا لا معلومة أو خبر للمواطنين المتلهفين على الأخبار فى الاوقات الطبيعية وفى زمن الكوارث سواء طبيعية او من صنع الإنسان، بدوننا ستعم الشائعات وينتشر الذعر، ويصبح الشعب هدفا لحروب معنوية لإرهابة وتدمير ولائه ومعنوياته، اقلامنا رمانة الميزان للتنوير والحقيقة.

ليست بطولة شخصية ان اغادر بيتى فى أوج الخطر مع تكاثر فيرس كورونا الذى يتمدد فى الطرقات بكل بلدان العالم، ويتنطع على الأيادى متربصا، ويتمدد على الأسطح الملساء والملابس، ويرافق كل همسة ولمسة وعطسة وكحة، تقسيم أيام او ساعات العمل لا يعفى ايا منا من التواجد بالجريدة للممارسة مهامة كبرت او صغرت، وفى ذهن اى منا كل الاحتمالات لملاقاة هذا الكائن الفيروسى المجهول وجها لأنف او لحنجرة ورئة.

لا أعرف لماذا لا يعترينى الخوف بصورة شخصية من هذا الجندى الالهى الدقيق الخرافى «كورونا»، ولا يعترينى الخوف من الموت أصلا، لأنى واثقة فى رحمة ربنا ومتمسكة بتقاة، وموقنة انى مع الأخذ بالأسباب، بالوقاية، سيصيبنى ما كتب الله لى، وسيدركنا الموت مع انتهاء الأجل ولو فى بروج مشيدة، وتتعدد الأسباب والموت واحد، لذا عندما شعرت بحرارتى ترتفع، وحنجرتى تحتقن، ويتعذر البلع الطبيعى، ويرتعش بدنى مع سعال جاف، كان أول ما فكرت فيه هو الحمد والشكر «الحمد لله» ان أولادى ليسوا معى، فلا يصابون بالعدوى لو كان ما هو  فيروس الكورونا.

ثانى ما فكرت به هو عزل نفسى فى البيت بعيدا عن شريكى، بل داخل حجرتى بدقة، رفضت استقبال صديقاتى او جيرانى، ولم أخبرهم بما أعانى لأحميهم من الخوف على او الهلع من نشرى للعدوى فتصيبهم، اخبرتهم فقط إنى منشغله بعملى اون لاين وبروايتى المعطلة منذ أشهر، استمسكت بالدعاء والصلاة كعادتى مع آلامى المبرحة بكل مفصل بجسدى، تحديت نفسى بعدم تناول مسكنات للآلام او الصداع فلو كانت «كورونا»، لم يبتكر لها علاج حقيقى بعد، توجهت للأعشاب المغلية، «ورق جوافة» قرفة.. جنزبيل بدون سكر، ليمون مغلى، طعامى ثمرات من الفاكهة خاصة البرتقال والجوافة التماسا لفيتامين «سى».

رفضت فكرة الاتصال بهذا الرقم المطروح إعلاميا للإبلاغ عن حالتى، ولأستوثق ما إذا كانت نزلة برد عادية او الفيروس اللعين، انتابنى رفض داخلى لئلا أثير اى ذعر لمن يمكن ان يتعامل معى طبيا، وكتمت خبرى عن اولادى وكل عائلتى، حتى لا اكون سببا  لخوف او حزن بداخلهم، ورفضت فكرة إخضاعى  لعزل فى حجر صحى بعيدا عن بيتى، غرفتى، المكان الوحيد الذى أشعر فيه بالأمان دون العالم، والذى أتمنى ان يزورنى فيه ملك الموت ليقبضنى بميتة كريمة، فيصلى على المصلون دون خوف، وأدفن دفنة التكريم.

حبى للعالم كان ونيسى فى عزلتى، دعواتى وانا أعانى المرض مؤكد وصلت بلا حجاب الى الله، بأن تنتهى هذه الغمة، واشفى، ويشفى كل المصابين، ويحل رمضان ببركاته فنعلق الزينة وتفتح المساجد لصلاة التراويح، وقلت لو كان ما بى «كورونا» سأموت فى هدوء دون ازعاج مخلوق، تراجعت الوعكة.. وسواء كانت كورونا او انفلونزا عادية.. لم يتأذى احد بى او منى.. الله والحب خلف الأبواب المغلقة كانا سندى وطريق شفائى،  ولو تكرر لى ما حدث، سأكرر ما فعلته بمنتهى الحب والإصرار.

[email protected]