رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نحو المستقبل

تتسارع الأحداث وتتواتر التصريحات الرسمية وغير الرسمية بشأن سد النهضة وخاصة بعد أن تنصل الإثيوبيون من كل الالتزامات التى توصلت إليها الأطراف الثلاثة المتنازعة فى المفاوضات الشاقة التى استمرت طوال السنوات التسع الماضية وكانت آخر جولاتها برعاية الولايات المتحدة الأمريكية والبنك الدولى. ويبدو أن هناك من يخطط ويتآمر مع الشريك الاثيوبى مما يجعله يتقدم خطوة ويتراجع بعدها عدة خطوات لدرجة أن التراجع الأخير أعادنا إلى نقطة الصفر مع تصريحات غير عاقلة وغير مسئولة لا تصدر عن أناس ينشدون الحل ويرجون العدل ، فقد صرح بعض المسئولين الاثيوبيين بأن الأرض أرضنا والمياه مياهنا ونحن أحرار نستخدمها فيما نشاء وأنه لا توجد قوة تمنعنا من استغلال مواردنا فى التنمية. والطريف أن أحد المسئولين السودانيين قد دعم هذه التصريحات وأيدها وكأن هذا وذاك قد تناسيا كل المواثيق والعهود الدولية بشأن اتفاقيات الأنهار والحقوق العادلة فى توزيع مياهها على الشعوب التى تقطن على ضفافها، بل تناسوا البداهة القائلة بأن الأرض هى أرض الله والمياه مياهه وقد وهبها للانسان وكل الكائنات الحية لتتمكن من الحياة والاستمتاع بخيرات الطبيعة التى لا يحق لأحد أن يمنعها عن الآخر.

والأغرب من كل ذلك أن الأمر بدأ يخرج عن المسار الدبلوماسى الذى حرصت عليه مصر منذ بداية الأزمة وحتى الآن رغم أنها كان بإمكانها انهاء الأمر بالاعتراض عليه قبل شروع أثيوبيا فى بناء سد بهذا الحجم الذى يكاد يمنع تدفق مياه النهر إلى دول المصب بدون أخذ موافقة شركائها فى النهر بحسب نصوص القانون الدولى.

لقد بلغ الأمر حد أن قال رئيس الأركان الإثيوبى الفريق أول آدم محمد مؤخرًا إن الجيش مستعد للتصدى لأى هجوم عسكرى يستهدف سد النهضة، وللرد على مصدر الهجمات بالمثل كما قال العميد يلما مورديسا قائد القوات الجوية الإثيوبية بأن القطاع الجوى للجيش جاهز لإحباط أى هجمات جوية تستهدف منطقة السد.

وقد جاءت هذه التصريحات مواكبة لتصعيد اعلامى هاجمت فيه صحف إثيوبية موقف مصر من سد النهضة وألمحت بعضها إلى نية النظام المصرى التخطيط لشن حرب “مفتوحة وسافرة” على إثيوبيا بهدف تدمير قرابة 70% مما أُنجز من أعمال بناء سد النهضة وأقر مقال بصحيفة «كابيتال» الأسبوعية بأن إثيوبيا قد تبدو دولة من الوزن الخفيف إذا ما قورنت بتفوق مصر العسكرى الظاهر بفضل ما تتلقاه من دعم خارجى، إلا أن مصر تملك أيضا سد أسوان العملاق وتعيش فى بيت من زجاج!!

وهنا نتوقف لنتساءل: على أى مصدر استند الاثيوبيون فى ذلك ومصر لم تهدد أحدًا بحرب مع أنه قد نفد صبرها مع تمادى الطرف الآخر فى تعطيل المفاوضات واستهلاك الوقت طوال السنوات السابقة فى التصريحات الوردية واللقاءات الأخوية التى كثيرًا ما شاهدناها بين الرئيس السيسى والزعماء الأثيوبيين والتى كثر فيها التأكيد على احترام حقوق مصر فى مياه النيل وأنه لن يتم ملء السد وتشغيله إلا بعد التوافق على كل شيء. إن مصر لم تعارض حق أثيوبيا فى استخدام مواردها ولم تعترض على بناء وملء خزانات سد النهضة، ولكنها تعارض فقط تعبئتها دفعة واحدة، لأن ذلك سيؤدى بالضرورة إلى تخفيض حصتها من المياه بشكل حاد ولعدة سنوات، مما يؤثر مباشر على حياة ملايين المصريين الذين يعتمدون على مياه النيل كمصدر رئيسى للشرب والرى..

وقد نص الاتفاق المبرم فى مارس 2015م بين زعماء مصر وإثيوبيا والسودان فى مادته الخامسة، على ضرورة الاتفاق على قواعد ملء السد وتشغيله قبل البدء بالملء، بما يمنع أى أضرار على دول المصب.

إن الحقيقة يا أحفاد النجاشى إن مصر والمصريين طوال تاريخهم العريق لم يحملوا لأحد ضغينة ولم يبدأوا بمعاداة أحد وقد تعاملوا مع كل الشعوب بموجب إيمانهم الشديد بالماعت أى بالعدالة والقانون ولم يتغير العهد بهم منذ التاريخ القديم وحتى التاريخ الحديث مرورًا بالتاريخ الاسلامى الذى اتسع فيه التعاون وازداد الحب منذ نصح رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم المسلمين بالهجرة إلى الحبشة وقال لهم قولته المشهورة عن ملككم النجاشى: «إنه ملك لا يظلم عنده أحد». لقد تولى هذا الملك العظيم حكم الحبشة وهو ابن تسع سنين وبعد سنوات من حكمه انتشر عدله وذهبت سيرته العطرة إلى كل مكان، ولما مات هذا الملك العادل بعد أن ظل على دينه رغم أنه صدق دعوى نبى الاسلام، صلى عليه رسولنا الكريم صلاة الغائب تكريمًا له وإقرارا بأخوته للمسلمين وعدله معهم، فما بالكم أنتم اليوم تخونون العهد ولا تحترمون الحقوق وتتجرأون على الجهر بأن الأرض أرضكم والمياه مياهكم مع أن الحقيقة المطلقة كما قلت من قبل أن الأرض أرض الله والمياه مياهه وليس لأحد أن يمنعها من أحد وإلا حلت عليه لعنة السماء ولعنة أصحاب الحق ! فهلا عدتم إلى رشدكم وأفقتم من سكرتكم!! يا أحفاد النجاشى مهلا.. مهلا.. بحق الأخوة والتاريخ المشترك ولا تسمعوا لوشاية الواشين ولا تخضعوا لمؤامرات المتآمرين فقد رفض جدكم الكبير العظيم وشاية الواشين قديما وحقق العدل فهلا تعلمتم منه السماحة والعدل واحترام حقوق الآخرين.