رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

 

 

منذ قديم الأزل والسؤال عن سر الخلق يحير عقول البشر، كثيرون حاولوا مناطحة الخالق بزعم قدرتهم على الخلق ومنح الحياة او سلبها بالموت، وقصة فرعون مع نبى الله موسى معروفة عندما قال إنه يحيى ويميت، فقال له موسى ان الله يأتـى بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب، فبهت فرعون. أغلب العلماء العقلاء توقفوا عن التساؤل حول سر الخلق، وكثيرون حاولوا السير وراء تلك القدرة الإلهية ومحاولة تقليدها، عباس بن فرناس حاول تقليد قدرة الله مع الطير فى الطيران، فكانت محاولاته بداية لصناعة الطائرات، توماس إديسون حاول محاكاة الخالق فى توفير نور كالشمس ليلاً ليتمكن الأطباء من إجراء جراحة لوالدته فى الليل، وكانت محاولاته بداية لصناعة المصابيح الكهربائية، وقس على هذا الكثير، كثيراً ما تكون محاولات محاكاة الخالق فى بعض نعمه، نعمة على البشر، ومن هنا يخشى الله على عباده من العلماء أن يفتنوهم عن الله بما وصلوا اليه من قدرات علمية، استنساخ، تحكم فى الجينات البشرية، زرع خلايا جذعية، تصنيع قلوب بلاستيكية، إنسان آلى يحاكى قدرات البشر وأحيانا يفوقها، وغيرها الكثير.

قد تكون مقدمة طويلة، اقصد بها ان الانسان يسعى منذ بداية الخليقة وحتى الآن لصناعة الأشياء التى يحاول الاقتراب منها من إبداع الخلق، لكن، حاشا لله، هى مجرد صناعة للأشياء، ولكن منهم من يصنع شيئا يكون سنة جميلة وعملا جيدا يستفيد منه البشر، ومنهم من يصنع سيئا يسبب الموت والدمار والمرض، ليترك للعالم سنة سيئة كلما اتسعت رقعتها تضرر البشر وتأذوا، وكما السياسة صناعة فقد تكون حسنة أو سيئة، والاقتصاد صناعة، المجتمع أيضاً صناعة، صنيعة أيدينا وأفعالنا، وهكذا الفن صناعة، والنجومية صناعة، وصناع الفن إما ان يصنعوا لنا شيئا رائعا يسعدنا، يرتقى بأذواقنا، ويجعلنا نحلق فى دنيا من الخيال والحب والانطلاق، وإما يقدموا لنا ما يغمنا ويكرهنا فى الحياة ويسلب منا الطاقة الإيجابية ويستبدلها بأخرى سلبية، ويأخذنا معه إلى خرابة من المشاعر الرديئة، إما بالتمثيل أو الغناء أو بالرسم، وبأى نوع من الفنون.

الغريب ان من يصنعون فنًا جميلًا يحققون الشهرة والثراء، وعلى الجانب الآخر من يصنعون فنًا رديئًا يشوه المجتمع أخلاقياً وذوقياً، يحققون أيضا شهرة وثراء، السؤال العجيب الذى يفرض نفسه، لماذا يتمسك هؤلاء بالردىء الغث، ولا يتمسكون بالفن الراقى، ماذا لو تنافس المتنافسون على تقديم الأعمال الفنية الجيدة، فينتقى الجمهور الأجود، ويحقق هذا الأجود المكسب والشهرة، فيما يتوارى الغث فى صناديق القمامة، لما أصبحت سمة العصر هى التنافس على الوضاعة والرداءة، ومد أيدى السوء لجذب المجتمع إلى مستنقع لا أخلاقى، وللأسف ان التقليد بالمشاهدة عرف إنسانى خطير، فمن يشاهدون من الأطفال والمراهقين والشباب فيلماً مليئاً بالمخدرات والدعارة والعنف والجريمة، تولد او تتصاعد لديهم الرغبة لتقليد ما يرونه، خاصة اذا كان من يرتكب هذه الموبقات فى الفيلم هو البطل المنتصر الأقوى الذى تخضع له الرقاب وترتعش أمامه الشنبات، ولا يجد من يردعه، فيما المحترمون الطيبون فى الفيلم مهضومو الحق مهانون ومظلومون ولا يجدون من ينصفهم.

صارت الأعمال الفنية تنصر الشر على الخير، وتصدر للمجتمع منظومة من الظلم والجبروت والافتراء على خلق الله، صارت الأفلام والمسلسلات تصيبنا بالإحباطات والنكد وفقدان الأمل فى المستقبل، وحتى فقدان الثقة فى أنفسنا، فإذا كان الشرير دوماً هو المنتصر الأثرى الذى يتقلد المناصب والسلطة ويمتلك النفوذ، فكيف يقنع المشاهد نفسه بأن يصبح طيباً محترماً، لتدهسه اقدام الظالمين دهس الطيبون فى أفلامنا ومسلسلاتنا وماتوا مرضاً أو كمدًا.

يا سادة ارحموا المجتمع المصرى، حقاً حياتنا مليئة بالظلم والقبح، ولكن يكفى أننا نعيشه ونحاربه يومياً، نحتاج إلى أعمال تمنحنا الأمل فى المستقبل، تمنحنا العظة فى ان دولة الظلم ستنتهى سريعاً، تمنحنا القدوة فى أن الخير سينتصر، تاريخنا المصرى ملىء بالنماذج الإنسانية الرائعة وبنماذج الناجحين وأصحاب البطولات فى كل مجال، لمَ لا تتناول الأفلام والمسلسلات هؤلاء، وتقدمهم حياتهم وكفاحهم، لنستعيد الوعى المجتمعى، ونستعيد القدوة الحسنة، ونقتضى بأبطال حقيقيين منحونا حياة أجمل وأمل فى مستقبل أفضل.. ألا ساء ما تفعلون.

 

[email protected] com