رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

الحياة هى الحياة التى نعيشها منذ بدء الخليقة، وماقبلها هو مانتخيله ونتصوره وفق ماجاء بالكتب المقدسة فى كل الأديان.. الجنة اذن على الأرض والجحيم أيضا وليس هناك من البشر من يحلم بالجحيم .. الحلم الطبيعى أن تكون حياتنا جنة الا قليلا ولكنها على طاولة الدول الكبرى الاستعمارية بالوراثة أو المتنفذة بالاقتصاد تحولت الى صراع من أجل الفوز ببرميل نفط أو أنبوب غاز أو ممر بحرى أو أسواق لتصريف فوائض انتاجها .. سقط الاتحاد السوفيتى عام 1989 وانتظرنا جنة الرأسمالية واذا بجنة ريجان – تاتشر – ترامب  أكثر قبحا من جحيم ماركس وتروتسكى ولينين .

تاريخ الانسانية فى مجمله غير أخلاقي،  والعالم اليوم فى حالة لا أخلاقية  جديدة لأنها معززة  بتكنولوجيا مفزعة لصناعة الموت والدمار، وحتى حقب ظهور الأديان وما تلاها ظلت حقبا دموية أكثر منها تبشيرية، وباسم التبشير والفتوحات كم ارتكبت من جرائم .. كانت الحملات الغربية على العالم تأخذ بركاتها من بابا الفاتيكان قبل ابحارها جنوبا وشرقا، وتحت مسمى الدفاع عن قيم الديمقراطية استبدل الصليب بشعار الدفاع عن قيم الديمقراطية  الى أن بعث ترامب مبشرا بحالة عالمية جديدة .. رسول رأسمالى  يبشر باللادين وجنته تجرى من تحتها أنهار من دم وليس من حليب وعسل .

مبعوث قدم من بيوت البغاء وصالات القمار ليحكم العالم بكتاب مدنس ..  سمسار سياسى حول البيت الأبيض الى كنيس عالمى تعتذر أمام شموعه الموقدة كل الشعوب عن ذنوب لم ترتكبها وجرائم لم تقدم عليها .. فقط يعترف بالذنب ويعتذر كل من سولت له نفسه أن يقول ذات يوم « أنا مبحبش اسرائيل » ولو كان العمر قد طال بشعبان عبد الرحيم صاحب الصيحة الغنائية « أنا بكره اسرائيل » لربما صلبه ترامب بتهمة حيازته لأغانى الدمار الشامل، أو قتله بصاروخ من طائرة مسيرة  .

ما تقدم وقرأتموه  ليس سوى استغاثات غرقى ابتلعتهم دوامات الاستضعاف وأنا منهم  .. الحقيقة أننا ومنذ ما يقرب من خمسة عشر قرنا حددنا مصائرنا بأنفسنا عندما سلمنا بأن التقدم والتخلف قدر لا يد لنا فيه، وأن عذاب القريب أرحم من قهر الغريب .. لم  نتوقع أن يوما سيأتى يصلنا فيه  القهر البعيد أسرع مما نتخيل محمولا داخل ملفات البنك الدولى وفوق حاملات الطائرات وفى مضامين الشبكة العنكبوتية. عندما استبد بنا الجمود وتمرغنا فى الضعف لم نجد من صنم نرجمه بالحجارة تقربا من سمسار الأديان والأوطان الأمريكى الا تراثنا وأزهرنا وكأنهما هما من ألقيا بنا فى الجب أو سجنونا داخل كهف سحيق مظلم .

الحقيقة أننا لو أخذنا بأسباب العلم والتطور منذ سنحت لنا الفرصة فى أعقاب الحملة الفرنسية 1798، واحترمنا مبادئ الحرية والعدل والمساواة والعلم كفضائل أساسية لأى تقدم يرتجى لما كنا بحاجة اليوم للتشبث وهما بمقولة تجديد الخطاب الديني، وهو تشبث يبتغى من الباطل أضعاف الحق .. الأزهر لو نسف نسفا بحجارته ورجاله وكتبه فلن يتغير شيء فى حياتنا ما دمنا كمجتمع وأفراد محكومين بثقافة صاغتها قرون من التخلف والفقر والقهر سبقت الأزهر وأعقبته .. هل المجتمع المصرى كان مجتمعا يقود العالم بعلومه وانتاجه قبل الأزهر .. هل الأزهر حين كان فى طفولته الأولى عطل مجتمعا متقدما وأعاده ألف سنة للوراء .. أنا لست مدافعا عن الأزهر كمؤسسة دينية أو مغرما به، وربما أكون من أكثر منتقديه، ولكننى لست على استعداد أن أفقأ عينى اليمنى لأثبت مكانها جوهرة أمريكية ( مع عظيم الاحترام لشاعرنا أمل دنقل ) .

التقدم  بنية تفكير وهوية ثقافية تراكمية وليس قشة تتحكم بمصيرها الفتاوى الضالة .. اسرائيل بها مؤسسة دينية أكثر تشددا من الأزهر، لكن الكلمة العليا تبقى لجنرالات السياسة والحرب وليس لحاخامات المعبد  .. كل أسفار العهد القديم فى خدمة المشروع الصهيونى الجديد لأن الدين فى اسرائيل له دور وظيفى فى طاعة  مشروع الآباء المجرمين .. المعضلة فى مصر أن هناك جذورا ضاربة لشجرة علاقة الدولة بالدين والتى اعوج عودها دهرا بعد دهر .. الشجرة المعوجة لا يمكن « استعدال » جذعها، ولا تتجاوز كل محاولات التغيير اللعب على الفروع ..  بداية التغيير أن نعدل قواعد وطرق التفكير ( الجذور والجذع ) من التعلق الشكلى بالآخرة وقبورها الى الاخلاص للدنيا وعلومها.