عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

لا أعتقد أن أحداً يمكن أن ينجو بسهولة بعد قراءة بضع كلمات يرسمها على الورق برهافة مؤلمة، إن شئت الدقة، الكاتب الصحفى «خيرى حسن».. سواء فى مقال أو فى كتاب.. هو كاتب من طراز خاص لا يكتب عن الحقيقة مثلما يتورط الكثير من الكتاب فى ذلك.. ولكنه يكتب محاولاته فى البحث عن الحقيقة!

فى كتابه «أرواح على الهامش.. عباقرة ومنتحرون» الذى صدر مؤخراً، لا يفاجئنا «خيرى حسن» بإعادة اكتشاف شخصيات لم تأخذ حقوقها فى الحياة بقدر موهبتها الكبيرة.. ولكنه يفاجئنا بحقيقتنا كأفراد ومؤسسات اشتركنا جميعا فى قتل ووأد هذه الشخصيات البارعة فى حياتنا، بالإهمال والقسوة والجبروت.. أرواح عبقرية تعاملنا معها بغباء وحمق وتعال غير مبرر.. ليأتى كتاب «خيري» ويعيد إليها دماءها المهدرة ويمنحها الحيوية مرة أخرى لتواجه من ساهم فى قتلها.. من افراد ومؤسسات وحتى أنظمة الحكم، وتضعها أمام حقيقتها القاسية حين لاذوا جميعا بالصمت للتغطية عن نقص مواهبهم أمام مواهب حقيقية تركوها تموت من التهميش المتعمد!

تناول كتاب «أرواح على الهامش.. عباقرة ومنتحرون» تسع شخصيات معروفة وغير معروفة، ولكنها كانت مهمة فى حياتنا وضرورية.. منها المفكر والأديب ولاعب الكرة والممثل والشاعر والصحفي.. شخصيات أثرت عالمنا بكثير من الإبداع والموهبة ولم تلقى سوى مزيد من الإنكار والقليل من الاعتراف على مضض بإبداعها حيث حاصرتها الظروف فى زاوية بالحياة جعلتها تموت كمداً أو منتحرة.. واجبرت على أن ترى حياتها ليست سوى موت.. وموتها حياة.. فهذا الكاتب المبدع رجاء عليش الذى أنهى حياته منتحراً عن عمد فى فبراير 1979 قال «على قبرى ستكتب تلك العبارة: هنا يعيش إنسان.. مات أثناء حياته».. وبعدها انتحر وحيداً فى سيارته بالشارع!

وأهمية كتاب «خيري» فى أنه يذكرنا بشخصيات دفعت حياتها ثمناً لموهبتها الكبيرة مثل الصحفى أبوالخير نجيب والشاعر زكى عمر، والفنان عبدالمنعم إسماعيل واللاعب محمد عباس والمفكر السياسى إسماعيل المهدوى.. وغيرهم ممن أدان موتها وسجنها وعزلتها السياسة والسياسيين، وكبار المسئولين عن مؤسساتنا وحياتنا.. هؤلاء الذين يديرون كل شىء تبعا لمصالحهم وطموحاتهم الذاتية على حساب أرواح مبدعة وعبقرية فدفعوها دفعاً نحو الانتحار أو إجبارها على حياة لا تختلف كثيراً عن الموت!

وما سجله فى سردية جميلة «خيرى حسن» فى كتابه هو قراءة حقيقية لواقع سياسى واجتماعى عانى منه الكثير من المبدعين وسيعانى أكثر منهم طالما لا توجد مؤسسات مستقلة وبعيدة كل البعد عن أهواء المسيطرين عليها من أنصاف الموهوبين، وكذلك فى ظل غياب فرص عادلة أمام الموهوبين تتيح لهم الإبداع فى مناخ ديمقراطي.. ولهذا لم يكن غريباً أن يهدى «خيرى حسن» كتابه البديع «أرواح على الهامش.. عباقرة ومنتحرون» إلى كل «موهبة» ما زالت تقاوم «حقد» الحاقدين!

[email protected]