عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

في الخمسينات وأوائل الستينات من القرن الماضي.. تأسست في مصر أحلام كبيرة، وصناعات ضخمة مثل الحديد والصلب والألمونيوم والإسمنت.. وكذلك صناعة الكتاب، وتزامن مع هذه الصناعات نهوض اجتماعي وثقافي، لا يستطيع أحد أن ينكره، رغم أن نظام الحكم والمسألة السياسية التي كانت سائدة في ذلك الوقت، ما زال حولها كلام كثير، وسيستمر، ولكن نظام الرئيس عبدالناصر، وليس أي أحد آخر، كان ابن زمانه في المنطقة والعالم كله.. وعموماً، ومهما كان الاختلاف والخلاف معه أو عليه، فإن هذا النظام «الاشتراكي» اجتهد في بناء الحجر والبشر كما يقال.. ولهذا فإن الهيئة المصرية العامة للكتاب، التي تأسست عام 1961، تحت اسم «الهيئة العامة للأنباء والنشر والتوزيع والطباعة» وكانت تتبع «رئاسة الجمهورية».. هي ليست مجرد دار نشر للكتاب أو مطبعة للكتب ولكنها مصنع حقيقي للقوى الناعمة المصرية!

ولا أقول ذلك من فراغ، فإن داخل مبنى الهيئة القابع على كورنيش النيل في شمال القاهرة، وكأنه نصب تذكاري لحقبة زمنية.. هو عبارة عن مصنع للكوادر الفنية في مختلف مجالات الإعداد والتجهيز والتنفيذ من الفنيين و«المطبعجية».. وهو ثروة من التجهيزات الفنية والإدارية وماكينات الطباعة القديمة والحديثة.. وكلها شاهدة على تاريخ الإبداع الفكري والفني والأدبي المصري من أول الفراعنة حتى الآن.. وأنتجت مئات الآلاف من عناوين الكتب.. حيث شهدت مطابع هذه الهيئة أعظم أفكار ورؤى المبدعين المصريين في مجالات عديدة، فهي حقيقة منارة ثقافية لا أعتقد أن لها مثيلا في المنطقة العربية والإفريقية من حيث الحجم والدور.. والأهمية!

ومع تقديري لما تقوم به دور النشر الخاصة في صناعة الكتاب، ولكن يظل المكسب والخسارة هو الأساس بالنسبة لها، صحيح يمكن أصحابها يتاجرون في أي شيء ويكسبون أكثر مما يكسبونه من تجارة الكتب.. ولكن في النهاية لابد أن يكسبون وإلا كانوا أغلقوا دور نشرهم وأوقفوا مطابعهم.. ولكن هيئة الكتاب طول عمرها تخسر مالياً ولكن تكسب كتباً جديدة، وتنفق الملايين ولكن يولد منها ملايين المبدعين جدد، والقراء جدد من كل الأجيال على امتداد مصر كلها والدول العربية والعالم كله.. وفضلاً عن إصدار آلاف العناوين من الكتب والموسوعات التي تتناول مصر والعرب والإسلام والشرق بوجه عام، فإنها تظل رافداً من روافد المعرفة وإثراء الفكر العربي، فهي التي نقلت بالترجمة التراث الإنساني العالمي في العلوم والفنون والآداب للمكتبة المصرية والعربية، وكذلك أصدرت الكتب باللغات الأجنبية التي تحمل تعريفاً بمصر وتقدم أروع الترجمات للأدب العربي!

وأعتقد أن هذا المصنع الثقافي، وهو يحتفل بمعرضه السنوي للكتاب، وهو المعرض الأشهر في منطقة الشرق الأوسط، يستحق كل تحية وتقدير من أول رئيس الهيئة الدكتور هيثم الحاج، إلى أحدث موظف وعامل ومطبعجي يساهمون في إثراء واقعنا بهذا الزخم الثقافي والمعرفي.. وتقريباً مجاناً!

[email protected]