رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

هل في مصر «2» دستور قد تم الاستفتاء عليهما في يناير 2014؟ الدستور الذي خرجنا في ثورتين من أجل أن نصل إليه بعد أن أسقطت ثورة يناير دستور 1971 والتعديلات المشينة الخاصة بمدة الرئاسة فكان دستور طارق البشري والجماعة في مارس 2012، ثم انقلاب «مرسي» علي الدستور والحريات وإعلان نفسه وجماعته الآمر الناهي في البلاد حين عطل جميع القوانين والمواد ومنح نفسه سلطات مطلقة لا يحدها قانون أو دستور فاندلعت شرارة الثورة حتي وصلنا إلي 30 يونية 2013 والتي أنهت حكم الإخوان والجماعة وذلك المد الوهابي المتأسلم وجاءت لجنة الخمسين بكل المواءمات والتوازنات والسلفيين الذين أصروا علي مجرد تعديل في دستور طارق البشري ولجنته فخرج لنا دستور وافقنا عليه في استفتاء جماعي وطني حتي نمر بالبلاد من محنة وفتنة الانقسام والحرب الأهلية والتدخل الأجنبي والمقاطعة السياسية التي اعتبرت 30 يونية انقلاباً عسكرياً بينما هي انقلاب شعبي تاريخي غير مسبوق ضد الهيمنة الدينية وضد الدولة الإخوانية وضد السلطة البابوية المتأسلمة باسم الدين والشريعة والسلف فكانت ثورة يونية ما هي إلا اعلاء لمفهوم الدولة المدنية ووسطية مصر الدينية التي عاشت علي أرضها الديانات واحتضنت الحضارات والأجناس والاختلافات وتجاوزت الزمان والمكان وظلت هي مصر الفريدة في عقد الإنسانية والثقافة والحضارة علي مر آلاف السنين.

ولأن دستور 2014 في مادته (65) يقر بحرية الفكر والرأي وحق التعبير بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير والنشر... وكذلك في المادة (66) بأن حرية الاعتقاد مطلقة، كما انه في المادة (71) لا توقع أي عقوبة سالبة للحرية في الجرائم التي ترتكب بطريق النشر أو العلانية إلا الجرائم المحرضة علي العنف أو التمييز بين المواطنين أو بالطعن في أعراض الأفراد فتملك عقوبتها يحددها القانون... إلي هنا وهذا هو القانون والدستور الذي قد استفتينا عليه واخترنا طريقاً ومنهاجاً وعقداً اجتماعياً ينظم سبل الحياة بين المواطنين المصريين علي اختلاف معتقداتهم وألوانهم وأنواعهم وأفكارهم... لكن إذ فجأة نكتشف أن لدينا دستوراً آخر... دستور في المادة (2) والذي ينص علي أن الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع... أي أن هناك تشريعاً وفق الشريعة الإسلامية ومذاهبها الفقهية وتشريعاً آخر مدنياً وفق القانون الوضعي وفي هذا تعارض وصراع واشكالية تنبئ بانقسامات مجتمعية... ومن هنا بدأت الاشكالية والتي أدت إلي حبس صاحب رأي وباحث في الدين الإسلامي والتاريخ والفقه المقارن وقد فند وعارض الأئمة وعارض الكثير من أحاديث «البخاري» و«مسلم» وقد يكون في عرضه وبحثه قد تجاوز لفظاً أو قولاً تجاه أفراد وبشر اجتهدوا منذ أكثر من ألف عام وأكثر في شرح وتفسير القرآن وتناولوا أحاديث الرسول عليه أفضل السلام... واختلفوا في الماضي فيما بينهم ولهذا ظهرت المذاهب التسعة وليس الأربعة، كما ظهرت القراءات السبع للقرآن الكريم وانقسمت الخلافة الإسلامية منذ ذلك الحين إلي مؤيد ومعارض.. ولكن في عصر العلم والبحث والدولة المدنية والحداثة والدعوة إلي تجديد الخطاب الديني بعد أن تسببت العديد من الفتاوي المتشددة ومن الدعاة ومن الأحاديث المغلوطة والتفسيرات والتأويلات للنصوص أو للأحاديث أو لكتب التراث، كل هذاعمداً قد أدي إلي بث الفكر المتطرف والمتعصب الذي بحق يزدري الأديان الأخري ويكفر كل من لا يوافق مذهبه ودينه أو فكره أو عقيدته ويصل إلي حد القتل والذبح والسبي والحرق والاغتصاب والتمثيل بالجثث والأطفال وهدم الصوامع والجوامع وتفخيخها حتي وصلوا إلي الكعبة ذاتها وأرض الوحي. في عصر حرية الفكر والرأي والعقيدة واحترام الأديان والاختلاف نجد أن مجمع البحوث الإسلامية والقضاة في محاكم مصر يطبقون نص المادة (2) ويتناسون أو يرفضون بقية المواد الدستورية ومن هنا يتم حبس ذلك الباحث في علوم الدين والأحاديث والمذاهب ولم نجد من وزارة الثقافة تدخلاً حاسماً متمثلة في المجلس الأعلي للثقافة أو اتحاد الكتاب أو غيرها من الهيئات الداعمة لحقوق الإنسان وعلي رأسها المجلس القومي لحقوق الإنسان... حتي نقابة الصحفيين نظمت بعد مرور أيام علي استحياء حتي تذر الرماد عن العيون التي أصابها العمي. حرية العقيدة والإيمان حق الهي ونص قرآني «ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعاً أفأنت تكره الناس حتي يكونوا مؤمنين» صدق الله العظيم. من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر فما بالكم بانه ليس بكفر ولكنه اعتراض واختلاف علمي وفكري له حجته ومنطقه وان كانت طريقته خاطئة في التجاوز اللفظي أو تلك السخرية والتهكم العنيف.

أي قصف لقلم أو لفكر أو لرأي في ظل دولة جديدة لديها دستور يحترم ويحدد الواجبات والعقوبات فإن هذا يستدعي من كل صاحب رأي حر أن يدافع عن مفهوم الحرية وسيادة القانون والدستور وضرورة الفصل بين الدين والدولة دون التعرض للثوابت وللعقائد وإعلاء مادة حرية العقيدة وحرية الفكر والتعبير الحر ولهذا فإن تجديد الخطاب الديني لن يبدأ من الأزهر ومعاهده وإنما يبدأ من المجتمع والمفكرين والمثقفين والأساتذة المتخصصين في العلوم الإنسانية والاجتماعية والنفسية مع المستنيرين من أهل الدين وعلومه وفلسفة الأديان المقارنة وكذلك لجنة موسعة لتنقيح المناهج والفتاوي وضرورة الالتزام بمواد الدستور الوضعي المدني وإسقاط ما يسمي قانون ازدراء الأديان لأنه مخالف لحرية الاختيار والثوابت والعقاب المدني والالهي... سجن إسلام بحيري... حرية للعقل والفكر وثمن يدفعه حتي نبدأ التجديد الحقيقي.