رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مراجعات

من لا يعرف الحب أو التسامح لن يستطيع أن يكتب حقًا عن نبي الله عيسى عليه السلام.. الذي يعد من أعظم رموز المحبة والتسامح في الكون كله، ليس في زمانه فحسب، ولكن في كل الأزمنة.

جاء المسيح عيسى بن مريم بالعدل والإحسان، ليترك رسالة عميقة، وإرثًا عملاقًا في الفكر الإنساني والمنظومة الأخلاقية.. يكفيه أنه صاحب الكلمة الأثيرة «الله محبة»، فمن لا يعرف المحبة لا يصل إلى الله سبحانه، أو يعرفه حق معرفته.

إن الفضائل والقيم، التي جسدَّها السيد المسيح عيسى ابن مريم، كثيرة، ولا يمكن حصرها، كونه عليه السلام مثالًا واحدًا حيًّا للإنسانية في أسمى صورها وأبهى رقيِّها وتحضِّرها، وتصويرًا حقيقيًا للرحمة الإلهية في أجلِّ معانيها.

لقد نهلت الإنسانية بعيسى من معين الصبر والتضحية والإباء، فكان النتاج مزيجًا من فيض الميلاد وبذل العطاء.. هو روح الله وكلمته الصادقة، للتأكيد والدفاع عن القيم الإنسانية، والعمل الصادق على إحقاق الحق، وتحرير الإنسان من الظلم، وتقريبه من ربه وخالقه.

كلمة الله «عيسى» حمل على عاتقه راية هداية الناس وإنقاذهم، في عهد الضلال والجهل والإجحاف وإهمال القيم.. جاء ليُحارب قوى المال والسلطة المتجبِّرة الظالمة، وعَقَد العزم على بسط العدل والرحمة والتوحيد.

بُعث هذا الرسول العظيم مسلحًا بالمعجزات والدعوة الإلهية لإنقاذ البشرية من ظلمات الشرك والكفر والجهل والظلم، وإيصالها إلى نور المعرفة والعدل، وعبودية الله الواحد الأحد.

لم يتردد المسيح لحظة واحدة ـ خلال فترة وجوده بين البشر ـ في مكافحة الشر والدعوة إلى الإحسان، فكان مبعثه لإسعاد الناس، محذرًا إياهم من اتباع الأهواء والنزوات وتلويث صفاء الروح الإنسانية بالقُبح والظلم والإساءات.

ما نستلهمه من سيرته العطرة، أن القوى الفاسدة والمتعسفة وعُبَّاد المال والقوة، آذوا هذا الرسول الإلهي واتهموه.. بل هَمُّوا بقتله، وبعد أن ضمَّه الله تعالى إلى أحضان حفظه وأمانه، راحوا يعذبون ويؤذون حواريِّيه وأتباعه سنوات طويلة، للقضاء على تعاليمه المناهضة للفساد والظلم والشرك والنزوات وإشعال الحروب وخداع الناس.

إن في ميلاد السيد المسيح دروسًا يجب أن تستلهمها الإنسانية، التي هي اليوم أحوج ما تكون لهذه التعاليم.. وعندما نحتفي بذكرى مولده، فتلك فرصة رائعة نحو مزيد من التأمل والتفكير في المساحات النورانية المشتركة بين الإسلام والمسيحية.

لعل ذروة الفضائل التي جاء بها المسيح عيسى بن مريم تتجسد في الحب والسلام، إليهما دعا، ومن أجلهما جاهد، ليتمم مكارم الأخلاق، كونهما جوهر الدين، حيث السلام المطلق، والسماحة المطلقة.. سلام المرء مع ربه ونفسه، وأهله ووطنه، والسماحة مع الناس أجمعين.

يقول المسيح: «طوبى للمتراحمين أولئك هم المرحومون يوم القيامة.. طوبى للمصلحين بين الناس أولئك هم المقربون يوم القيامة.. طوبى للمطهرة قلوبهم أولئك يزورون الله يوم القيامة.. طوبى للمتواضعين في الدنيا أولئك يرثون منابر الملك يوم القيامة.. طوبى للمساكين لهم ملكوت السماء.. طوبى للمحزونين هم الذين يُسَرُّون.. طوباكم إذا قيل فيكم كل كلمة قبيحة كاذبة حينئذ افرحوا وابتهجوا فإن أجركم قد كثر في السماء».. هكذا كان عيسى عليه السلام.

أخيرًا.. في ذكرى مولده العطرة نقول: ما أكثر العظماء الذين خلدهم تاريخ الأمم، وصاروا ينبوعًا تستقي منه الأجيال.. سلامٌ على عيسى في الأولين والآخرين، وسلامٌ على المصطفى، الرسول الأعظم محمد، خاتم الأنبياء والمرسلين.

[email protected]