حكاوي
منتدى شباب العالم الذى افتتحه أمس الرئيس عبدالفتاح السيسى فى شرم الشيخ، ليس تجمعاً شبابياً عادياً وإنما هو ورش عمل كثيفة تناقش العديد من القضايا المطروحة على الساحة المحلية والإقليمية والدولية، ودور المشروع الوطنى المصرى فى حل هذه القضايا، بما يحقق فى نهاية المطاف الخروج بتوصيات تحقق التنمية والحياة الكريمة للمواطن. فالمنتدى ليس مكاناً لقضاء فسحة أو نزهة، إنما هو عمل وجد ولقاء بين حضارات مختلفة بهدف إسعاد الانسانية كلها. وتعد المحاور الرئيسية التى اهتم بها المنتدى هى المدخل الحقيقى لاقتحام آفاق المستقبل خاصة أن هناك قضايا آنية ملحة لا يمكن بأى حال من الأحوال تجاهلها أو غض الطرف عنها وأبرزها قضايا ريادة الأعمال والأمن الغذائى الذى يشغل بال الدنيا كلها والمناخ والبيئة والذكاء الاصطناعى ومستقبل الاتحاد من أجل المتوسط وتمكين المرأة وخلافه من القضايا المهمة.
فالمنتدى لم تفته مثلاً قضية تغيير المناخ وما ينتج عنه من تداعيات اقتصادية واجتماعية وتأثير ذلك على الانسانية كلها، مثل ظاهرة اللاجئين وارتفاع منسوب البحار والمحيطات وتأثيره على الأمن الغذائى للشعوب ومستقبل الحياة على الأرض ودور الحكومات والمنظمات الدولية فى التعامل مع هذا الملف الخطير. وهذا يجرنا بالتبعية الى الحديث عن التنمية المستدامة فى افريقيا وأهمية تنفيذ المشروعات المتكاملة والتحديات التى تواجه تحقيق ذلك وكيفية التغلب عليها، وأهمية دور الشباب وسبل تمكينه لتحقيق هذه التنمية المستدامة، وهذا يقودنا أيضاً الى أن الأمن الغذائى يعد ركيزة أساسية لتحقيق نمو اقتصادى مستدام، وأهمية مواجهة العقبات التى تواجه توفير الأمن الغذائى وتحسين التغذية وتعزيز الزراعة المستدامة.
ومن الأمور المهمة أيضاً التى يناقشها المنتدى التحديات التى تواجه العمل الإبداعى فى عصر التكنولوجيا الرقمية وفى ظل تطور التكنولوجيا المرتبطة بالإبداع، وتقنيات الواقع الافتراضى والواقع المدمج، ومناقشة دور أنظمة حماية حقوق الملكية الفكرية على العمل الابداعي.
وفى هذا الاطار أقام المنتدى مسرح شباب العالم وقدم المخرج المبدع خالد جلال مسرحية المحاكمة والتى اشترك فى تمثيلها شباب من دول العالم المختلفة، والتى لاقت قبولاً فائقاً من جمهور الحاضرين بشكل يفوق التصور.
وفى هذا الإطار أيضاً قدم المسرح أغنية «إنت عمرى» للفنانة العظيمة كوكب الشرق أم كلثوم، والتى ظهرت على المسرح فى اطار التقنيات العلمية الحديثة.
لم يغفل المنتدى أيضاً مناقشة العديد من التحديات التى تهدد السلام العالمى والتحديات التى تواجه المجتمع الدولى مثل الإرهاب والنزاعات المسلحة، وأهمية دور المنظمات الدولية والإقليمية فى صيانة الأمن والسلم الدوليين. وقد اهتم المنتدى بقضية بالغة الأهمية وهى التعاون فى قطاع الطاقة بين دول المتوسط والتنسيق فى مجال اقتصاديات الطاقة مثل التعاون فى مجال التنقيب عن الغاز ونقله وتخزينه والاكتشافات الكبيرة التى تم تحقيقها فى شرق المتوسط، وكذلك مجالات الطاقة المتجددة والربط الكهربائى بين الدول وكيفية تحقيق الاستدامة فى هذا المجال، ومناقشة التحديات التى تواجه دول شرق المتوسط فى تأمين مصادر الطاقة وصيانة البنية التحتية وزيادة سبل التعاون فى نقل الخبرات والتكنولوجيا وتمكين الشباب وأثر ذلك على تعزيز التنمية المستدامة.
وهناك قضية أخرى اهتم بها المنتدى وهى تسليط الأضواء على أهمية تمكين المرأة على جميع الأصعدة كإحدى الركائز الأساسية لتحقيق التنمية المستدامة ورفع الوعى بأهمية تمكين المرأة اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً وإبراز دورها فى تحقيق التكامل داخل المجتمع.. بالإضافة الى محور مهم آخر يناقشه المنتدى وهو كيفية استخدام الفنون كأداة لنشر ثقافة الوسطية ومحاربة الأفكار الإرهابية والمتطرفة فى ظل العولمة،واستعراض دور الأعمال والأنشطة الفنية فى تحسين الوضع الثقافى والاقتصادى والاجتماعى للدول ونشر قيم المواطنة والديمقراطية وقبول الآخر.
ألم أقل إن منتدى شباب العالم هو بمثابة منصة حوار حضارى رائع، يهدف بالدرجة الأولى لخدمة المواطن المصري، وتفعيل المشروع الوطنى للبلاد، ونقل صورة مصر الجديدة القائمة على تأسيس الدولة العصرية الحديثة.