رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

العلاقات الإنسانية بين بنى البشر لابد وأن تحكمها اعتبارات شتّى؛ من المفترض أن تقوم على المبادئ والأخلاقيات التى أتت بها شرائع الأديان السماوية أو مواد وأحكام القوانين الوضعية، وذلك لضمان أن يعيش الناس مع بعضهم البعض فى جو يسوده الوئام والسلام تصان فيه الحقوق والواجبات، وأقصد هنا تحديدًا العلاقات بين البشر فى مجتمع العمل أى فى الجهاز الإدارى للدولة.

وتمر العلاقات الإنسانية بحالة من حالات ثلاث هى الحرب، السلم واللاحرب واللاسلم، فحالة الحرب معروفة للجميع، ففيها يصبح العداء فى أوجُّه وأقصى مراحله بين الطرفين، فتظهر صفات الشخصيات الأخلاقية وما تمتلكه من أدوات لاستعجال النصر بكل وضوح، فبالنسبة للصفات الأخلاقية فعلى سبيل المثال، هل سترد الشر بشر أكبر وأعظم وتسمح لوحش الانتقام بداخلك أن يخرج ويدمر الجميع؟ أم ستكتفِ فقط برد الأذى وانتزاع الحقوق مع منع النفس من الانتقام، أو هل ستتحمّل وتصبر ولا ترد الأذى حتى تنتهى حالة الحرب؟، وهنا تتنوع ردود أفعال البشر حين تعرضهم للأذى حسب معاييرهم الأخلاقية.

أما بالنسبة للأدوات فكثيرة (السلطة-المال-..)، وقد لا يمتلكها الكثير لكن هل إن امتلكت إحداهما وقت أن مسّك الضُر، فهل ستوظفها للانتقام أو لرد الأذى فقط أو لا تستخدمها على الإطلاق؟

أما حالة السِلم فأعظم الحالات قيمة، يسود فيها الهدوء والسكينة والطمأنينة بين الأفراد، وأعتقد أن كلما كانت هناك منظومة متكاملة بإدارة قوية تدعم الناجح وتقدر المجتهد وتعاقب المخطئ، وتصون الحقوق بكل شفافية استمرت حالة السِلم لفترات طويلة جدًا بين أعضاء فريق العمل الواحد.

أما حالة اللاسلم واللاحرب، والتى قد تمكث أيضًا لفترات طويلة، ويكون فيها الشك وسوء الظن والتوجس والترقب هى الأبطال الحقيقية للمشهد، وللأسف كلما سيطر الشك بمخالبه المفترسة على النفوس فتأكد أنك وصلت وبمنتهى الأسف إلى توتر الجو العام بين أفراد العمل ويفرز بيئة عمل غير صحية تؤثر فى النهاية على الإنجاز فى العمل.

ولن أنسى أبدًا ما قاله لى أحد الموظفين بالدولة - وكان طاعنًا فى السن - وهو يشرح لى منهجه فى الدفاع عن نفسه يستخدمه فى حالة اللاسلم واللاحرب كى يُنجيه فى حالة الحرب، قال لى وقد بدت معالم الأسف تتشكل على وجهه: إنه قد تأذّى كثيرًا فى مجال عمله من أشخاص كُثر ولا يعرف أسبابًا لذلك خاصة وأنه كان مجتهدًا ومخلصًا فى عمله، ونظرًا لترهل وهشاشة أسلوب الإدارة فى المؤسسة التابع لها فلا نصفه ولا اعترف بحقوقه أحد، فكان ولابد أن ينتفض للدفاع عن نفسه، فلجأ مضطرًا لاستخدام خدع وأساليب بدت لى وقتها غير مألوفة، فبدأ بترقّب مَن حوله ترقبًا شديدًا، ما أتاح له التعرف على أخطائهم وكشف عثراتهم، وبالفعل احتفظ لنفسه بوثائق وأدلة تكشف أخطاءهم وتفضحها ولكن لم يُهددهم بشكل مباشر كما لم يقم أيضًا بكشفها على الملأ وفضحهم، لا، بل احتفظ بها فى مكان بعيد عن الأنظار كى يعود لها مرة أخرى كاشفًا لها فى العلن إن تجرّأ عليه واحد منهم ظلمًا، وبالفعل تبدأ حالة الحرب مع واحد ممّن يمتلك ضدهم الأدلة فيبدأ المظلوم فى إخراج أدلته المخبأة ويبدأ بتهديد وفضح المتعدّى عليه –على حد قوله- وكشفه أمام الجميع دفاعًا عن نفسه بعد أن هاجمه ووجّه له الأذى، وبالتأكيد تظهر معالم الصدمة على وجه الشخص الآخر البادئ بالسوء كما يروى المتحدث فيخشى على نفسه الفضيحة فيكف عنه ويرفع أذاه عنه، وانتهى كلامه إلى هنا، ولا أنكر أننى قد انتابتنى حالة من الدهشة، والصمت العجيب ساد الموقف، ولا أخفى عليكم أننى بداخلى رفضت منهجه ولكن قبل أن أنطق بكلمة معلنة له رفضى هذا المنهج إلا وقد وجدته سريعًا قد قرأ ملامح وجهى الممتعضة وقال لى بحسرة: أعطنى حلا، كيف أرد الأذى عن نفسي؟ فلا إنصاف ولا عدل؟!!!! 

لا شك إنه منهج غريب و شاذ، ولن أعلق عليه أكثر من ذلك وأترك الحكم بين يديكم ولكن قبل أن تحكموا تذكروا الظروف المحيطة التى وضعت هذا الشخص فى هذا الموقف وكيف أنه قد أجبر عليه خاصة أنه لا يمتلك أى أدوات قد ترفع عنه الظلم أو ترد عنه الأذى، أرأيتم ما وصلنا إليه نتيجة للفساد المتوغل فى أعماق الجهاز الإدارى للدولة؟ أرأيتم شكل الصراعات الموجودة داخل المؤسسات والهيئات والشركات؟!!

[email protected]