رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

ذكرنا فى المقال السابق أهمية القضاء العرفى فى إجراء المصالحات بين الناس، وأكدنا أيضاً أن المحاكم تأخذ به إذا لجأ المحتكمون إلى القضاء، وذكرنا عدة سلبيات تهدد هذا النوع من المصالحات وتشق منه باباً إلى الفتن وتأجيج الخصومات بسبب الجهل وعدم الحيدة والرشاوى فى بعض الأحيان، وطلبت من وزارة الداخلية تقنين أوضاع المحكمين العرفيين والتواصل معهم بكافة السبل وأن تنشئ لكل قاض عرفى ملفا يشمل سيرته الذاتية وصحيفة الحالة الجنائية له.

وقد تلقيت ردود أفعال واسعة بإثارة هذه القضية خصوصاً من الذين ينتمون إلى القرى أو ترجع أصولهم إلى محافظات الصعيد أو الوجه البحرى، وطلب منى البعض الاستمرار فى هذا الملف وإعطاء القارئ نبذة عن خطوات التحكيم والتى تبدأ عادة بلجوء أحد أطراف الخصومة إلى أحد القضاة العرفيين، والذى بدوره يتوجه إلى الطرف الآخر فى الخصومة حاملاً ما يسمى مشارطة تحكيم مطبوعة ومدون بها اسم الطرفين والرقم القومى لهما وبها شرط جزائى بأرقام خيالية فى حالة تعدى طرف على الآخر أثناء فترة الإعداد للجلسة، وغالباً ما يكون عدة أشخاص من يقومون بهذه المبادرة ويطلقون على أنفسهم «السايرة» وإذا وقع الطرفان على هذه المشارطة يكونان ملزمين باختيار منزل أحد الوجهاء أو الأثرياء أو من ينتمى لعائلة كبيرة تستطيع حماية الجلسة أثناء انعقادها بكل ما تملكه من  أفراد وأدوات ردع فى بعض الأحيان، علاوة على القيام بالطعام والشراب لعائلتى المختصمين، ويأتى اختيار هذا المنزل ضمن ثلاثة منازل يتم طرحها على الطرفين، وهنا نسمع الكثير من العجائب والغرائب والطرائف أثناء الاختيار، فصاحب هذا المنزل معروف عنه أنه يصنع الطعام والشراب والسجائر والشيش «جمع شيشة» والحلويات ومولد الكهرباء والإضاءة بمنزله على أن تكون على نفقة طرفى الخصومة، وفى حالة صدور الحكم لصالح الطرفين يتم تغريم الطرف المدان جميع المصروفات وإعفاء الطرف الثانى، وغالباً ما تكون هذه النفقات فى الخصومات الكبيرة، وفى حالة صعوبة عقد هذه الجلسات فى أحد المنازل الثلاثة التى تم طرحها أو اعتذار صاحب المنزل لاستضافة الطرفين فيتم عقدها فى أحد مراكز الشباب أو القاعات وتتولى الشرطة عملية التأمين، وهناك جلسات لا يدعى فيها إلا طرفا الخصومة فقط وعدد محدود من العائلتين فى حالة تعلق الخصومة بالأعراض، وبعد اختيار المنزل تأتى مرحلة اختيار القضاة العرفيين للتحكيم، وهذه المرحلة من أصعب المراحل التى يتعرض لها المتقاضيان، فتارة يقال لك لا تلجأ إلى فلان لأنه صاحب هوى ويقبل الهدايا والرشاوى، وإذا دعاه الطرف الآخر عليك بالطعن عليه وعدم قبوله، وغالباً ما يظن البعض أن مجرد اختيار أحد القضاة العرفيين لزم عليه أن يحكم لصالحه حتى ولو كان مداناً.. ونظراً لضيق المساحة نواصل الأسبوع القادم بإذن الله.