عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ع الهامش

 

لم أصدق حادثة قطار الأسكندية- الأقصر التى راح ضحيتها شاب وأصيب آخر، أجبرهما كمسارى القطار على النزول, أثناء سيره لعدم قدرتهما على دفع الأجرة، وتشككت فى تصديقها كثيرا، ولم تطل حيرتى حيث توالت الفيديوهات التى صورها شهود العيان داخل القطار المشئوم رقم (943), تلك الفيديوهات هى التى وثقت الحادث وأعطت للواقعة تأثيرا صادما، وحجبت أى تأويلات أخرى ولا أفهم لماذا نعشق جلد الذات؟ ونتهم البعض بعدم المروءة وترك الشابين يواجهان مصيرهما دون تدخل أى من الموجودين، الواقعة كانت بين عربتى القطار ولم يكن موجودا سوى أربعة كانوا يدخنون سجائر ولم ينتبهوا لما يحدث إلا بعد فتح باب القطار وحوار الضحايا والكمسارى تم فى ثوان ومن ثم قفزهما. وأولئك تقدموا للشهادة أمام النيابة بما شاهدوه.

محمد عيد ذو الثلاثة والعشرين عاماً مثل أى شاب بسيط، أنهى تعليمه بحصوله على شهادة "معهد فنى صناعي"، ليدخل بعده فى الخدمة العسكرية وينتهى منها، ثم يخرج ولا يجد عملاً يعول نفسه وعائلته من خلاله، اضطره الأمر إلى صنع "إكسسوارات يدوية"، يتجول بها بين المسافرين فى القطار، وينتقل من محافظة إلى محافظة أخرى ليكسب رزقه من بيع منتجاته كغيره من الباعة الذين تعج بهم كقطارات مصر، ولم يكن يعلم أن ركوبه هذا القطار فى هذه المرة، ستكون هى الأخيرة، بينما رفيقه أحمد سمير أحمد، الذى كان أسعد حظا منه و نجا من الموت قال: إن الكمسارى لم يرحمهما وخيّرهما بين الدفع أو النزول من القطار أو تسليمهما للشرطة، فقرر زميله القفز من القطار ليلقى حتفه فى الحال، بعد أن هتف فى الركاب: «هو القطر ده مفيهوش رجولة ولا إيه يا جدعان». رئيس القطار لا نعلم إن كان مريضا نفسيا أو متعاطى مخدرات، مثل سائق حريق محطة مصر، لكن العجيب أن بيان هيئة السكة الحديد الأول جاء خالياً من أى تحمل مسئولة ولا تعزية لأسرة المتوفى وكأن كانت هناك نية للتملص من المسئولية حيث ذكر ان الحادث وقع أثناء قيام رئيس القطار بمطالبة اثنين من الركاب دفع قيمة الأجرة إلا أنهما امتنعا، وأثناء تهدئة القطار سرعته بمحطة دفرة، (قاما بالنزول) من القطار أثناء مسيره، ما أدى إلى سقوط أحدهما أسفل عجلاته، وتوفى فى الحال، وأصيب الراكب الآخر، وتناست الهيئة أن قطار (الفى. أى. بى) تغلق أبوابه بالمفتاح ولا تفتح إلا فى المحطات الرسمية فعبارة قاما بالنزول كان الهدف منها تحميل الضحايا نتيجة ما وقع لهما أى مثلاً حاولا الهرب من الكمسارى بإرادتهما. نتفق على خطأ الشابين بركوبهما دون تذكرة لكن الكمسارى أجرم فى حقهما، وحسنا فعل وزير النقل الفريق كامل الوزير حينما توجه لأسرة القتيل معزيا ومعتذرا باسم الوزارة, وما يثير الفزع أن هناك آخرين أكدوا أن إجبار من لا يستطيع دفع ثمن التذكرة يجبر على النزول من القطارات وهو أمر معتاد وان تلك الواقعة لم تكن الاولى ولا الأخيرة وهو ما لا نتمناه.. أحياناً يكون الواقع أكثر إيلاماً من الخيال وبعدما انشغلنا «بشهيد الشهامة» وتلاه «شهيد لقمة العيش» أصبحنا نتحدث عن «شهيد التذكرة» ولا يزال القوس مفتوحاً.

[email protected] com