رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مراجعات

ثمانية أعوام، أصبحت فيها سورية بلدًا مستباحًا من الجميع، وساحة مفتوحة لتصفية الحسابات، والحروب بالوكالة، ولقمة سائغة للقوى الكبرى، والدول الإقليمية، وجماعات الإرهاب والتطرف، عسكريًا ومخابراتيًا.. بشكل مباشر وغير مباشر!

ما يحدث في سورية مؤامرة مكتملة الأركان.. انتهاك واضح ومفضوح للأرض والسيادة، وتقسيم مذهبي وطائفي، وقتل وتشريد ونزوح، ونظام دموي.. لا يمكن الرد عليها بالصمت، أو الاكتفاء بـ«تسجيل» مواقف شاحبة وباهتة، للتنديد والإعراب عن القلق وإبراء الذمم، أو التضرع بالدعاء في أفضل الأحوال!!

منذ بداية الأزمة السورية ـ التي طالت ولا نعلم متى ستنتهي ـ والمأساة أكبر من اختزالها في توصيف أبطالها الحقيقيين: غربيون انتهازيون منافقون، وعرب متخاذلون متواطئون، لإطالة عمر النظام «الساقط»، أو لعب دور المدافعين عن الشعب السوري البائس، وحقوقه المسلوبة!

آخر فصول المأساة، اجتياح تركي، أو بالأحرى غزو عسكري، غير مبالٍ بردود أفعال «دولية» لم تحدث، أو انتقادات «غربية» ضمنية لا جدوى منها، أو كلمات مواساة «عربية» لا قيمة لها، ولا تساوي الحبر الذي كُتبت به!

حملة تركيا العسكرية «نبع السلام» على الحدود الشمالية الشرقية مع سورية، جاءت إثر انسحاب أمريكي مفاجئ في توقيته، بعد اتفاق الروس والإيرانيين والأتراك على أمر واحد وهو ضرورة إخراج أمريكا من سورية.. كلٌّ لغاياته، وقد نجحوا في ذلك.

هذا الاجتياح تمخض أخيرًا عن تفاهم أمريكي ـ تركي، غامض وغير مفهوم، متجاهلًا جميع اللاعبين الرئيسين والمتحكمين في الساحة السورية.. اتفاق جنت أنقرة أولى ثماره بالحصول سلمًا على ما سعت إليه بالحرب!

أما وقد انسحب ترامب، فقد أصبح «شركاء المصالح» الآن في مواجهة بعضهم البعض، يتنافسون على اغتنام أكبر جزء من التركة الأمريكية، التي تشبه نهايات معظم الحروب، حيث يتسابق المتبقون في ساحة الصراع على أكبر جزء من الغنيمة.

الآن، أصبحنا أمام معضلة حقيقية، وهي كيف سيتم «فض الاشتباك» بين «الشركاء»، الذين نجحوا في تحييد «إسرائيل»، وطرد أمريكا من سورية، وتهميش الدورين الأوروبي والعربي، واستبعاد نظام الأسد تمامًا، في ظل إمساك مخالب الدب الروسي بخيوط اللعبة، والاستئثار بها كليًا؟

المؤسف أنه فيما تُستباح سورية بمساوماتٍ ومفاوضات توزيع الغنائم، يجد السوريون ـ أصحاب الأرض والقضية ـ بعيدون تمامًا عن تقرير مصيرهم، بل منقسمون على أنفسهم، وغارقون في مستنقع التحزبات السياسية والأيديولوجية!

الأمر المحير أن العرب يعيشون في قمة التناقض، حيث انشغلوا أو أُشغلوا بمادة جديدة ينقسمون حولها.. جزء منهم يسب ترامب وينعته بالخيانة، لأنه تخلى عن الأكراد، بعد أن استخدمهم ضد تنظيم الدولة، وآخر عاتب عليه لأنه أخلى الساحة لإيران وروسيا!

ويبقى قسم كبير من العرب، خائفون من إقامة منطقة آمنة لتوطين اللاجئين، أو محاولة ضمها إلى تركيا، معتبرين ذلك تغييرًا ديموغرافيًا يقضي على آمال عودتهم إلى أراضيهم وبيوتهم!

لكن القضية أصبحت برأينا هي «الغزو.. أو الاحتلال الحلال»، التي يتبناها الجميع، ما بين مؤيد لما تفعله أنقرة، ويتفهمون احتياجاتها الأمنية والسياسية، رافضين بشدة «الاحتلال» الروسي والإيراني.. فيما نجد آخرين يرون الاجتياح التركي غزوًا واحتلالًا لأراضٍ سورية!!

إذن، كل هذا الجدل القائم يطمس أي محاولةٍ جادة لفهم وتفسير ما يحدث بالفعل، فمأساة الشعب السوري المستمرة بغطاء تآمري، تجسد صورة حيَّة للعجز العربي، الذي يعج بالمنافقين وعلماء السلطان والساكتين الخانعين.. ولا عزاء لروابط الدين واللغة والعروبة والجغرافيا والتاريخ!!

[email protected]