رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فى الموضوع

 

 

 

لم يكن متوقعًا أن يكشف الجانب الإثيوبى عن غضبه بهذه الصورة الفجة، واصفًا الاقتراح المصرى لملء سد النهضة بأنه تجاوز الخط الأحمر، معتبرًا أن بناء السد وتشغيله عمل من أعمال السيادة الوطنية.

ورغم تلك التصريحات «الخشنة»، يدعو الإثيوبيون إلى مد التفاوض لفهم وجهة نظرهم وحقهم المنفرد فى بناء السد وتشغيله، وهم فى الحقيقة يستهلكون الوقت دون مراعاة مصلحة مصر التى ستتأثر بعدم التوافق على حل يرضى الجميع، الأمر الذى يتطلب وقفة جادة من الجانب المصرى بدخول وسيط دولى لوضع الأسس التى تحقق مصالح الدول الثلاث وفقًا للمادة العاشرة من اتفاق إعلان المبادئ.

والاقتراح المصرى لم يكن مجحفًا بحق إثيوبيا فى التنمية وإنما كان يحافظ على حقوق مصر التاريخية فى مياه النيل والمقدرة بـ«55 مليار متر مكعب» سنويًا و18.5 مليار أخرى للسودان باعتبارهما دولتى المصب.

وحتى لا نتأثر بالفقر المائى الذى نقف على شاطئه، اقترحت مصر أن يملأ السد فى 7 سنوات بدلًا من 3 سنوات كما تريد إثيوبيا، وأن يحجز السد خلفه 70 مليار متر مكعب بدلًا من 100 مليار، مع إشراك الجانب المصرى فى برامج تشغيله، خشية من السقوط فى بئر الشح المائى، بالإضافة إلى أنه فى حالة تناقص حصة مصر عن 55 مليار متر مكعب فإن ذلك سيؤثر على أرضها الزراعية، حيث إن كل مليار متر مكعب يروى 200 ألف فدان، فلو نقصت حصتنا من المياة خمسة مليارات- لا قدر الله- فإن ذلك يعنى ببساطة بوار مليون فدان على الأقل.

لذلك كان الرئيس السيسى واضحًا وقاطعًا حين أعلن من فوق منبر الأمم المتحدة «لسنا ضد التنمية فى إثيوبيا، ولكننا لن نقبل بفرض الأمر الواقع» الذى فرض من قبل فى مرحلة ضعف الدولة، وجاء أيضًا تصريحه الأخير رسالة حاسمة لإثيوبيا حين قال «مصر ستحمى حقوقها المائية فى نهر النيل وستتخذ كل الإجراءات اللازمة لتحقيق ذلك».

 فى اعتقادنا أن تلك الإجراءات سوف تسير على محورين الأول: تطبيق المادة العاشرة من إعلان المبادئ الذى وقعته إثيوبيا من قبل، باستئناف المفاوضات الثلاثية بين مصر وإثيوبيا والسودان بواسطة طرف رابع محايد للوصول إلى حلول ترضى جميع الأطراف بدءًا من التفاوض الودى وانتهاء بالتحكيم الدولى.

ويأتى المحور الثانى: بضرورة تحرك الحكومة المصرية لتوفير مصادر بديلة للمياه من خلال إنشاء المحطات لتحلية مياه البحر، وإعادة استخدام مياه الصرف الصحى والزراعى بعد المعالجة، فضلًا عن تغيير نظام الرى من الغمر إلى التنقيط والاعتماد بصورة كبيرة على المياه الجوفية فى الأراضى المستصلحة والجديدة.

أما الجانب الإثيوبى فعليه أن يدرك أنه يوم توقيع اتفاقية حصص مياه دول حوض النيل، كان عدد سكان مصر 20 مليون نسمة واليوم تجاوزوا الـ100 مليون، ويحتاجون الآن أضعاف الكمية الحالية لسد الفجوة المتوقعة بعيدًا عن تخفيضها أو الاقتراب منها.

وكذلك عليه أيضًا أن ينظر إلى الروابط التاريخية والدينية والتجارية التى تربطه بالجانب المصرى، فضلًا عن الحضارة المصرية وامتدادها إلى دول حوض النيل .

إن وراء سد النهضة روابط عديدة، وعلاقات وطيدة بين الدولتين ينبغى الحفاظ عليها، قبل أن يزيحها طوفان الغضب.