رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

سوف يقف التاريخ طويلاً أمام شخصية الرئيس التونسى الراحل باجى قائد السبسى.. هذا الرجل الذى يعد علامة بارزة ورائداً فى مجال التنوير والديمقراطية.. فهو أول من دافع عن الديمقراطية التونسية وعن مدنية الدولة وأصر على أن تكون المواطنة هى أساس الدولة منذ ان قاد البلاد عقب هروب الرئيس الاسبق زين العابدين بن على خوفا من المظاهرات رغم قوة قبضته الأمنية على تونس

فقد تولى السبسى مسئولية الحكومة فى فتره انتقالية قاد فيها البلاد إلى طريق الأمان ونجح فى فرض الاستقرار وسلم السلطة إلى التحالف اليسارى الإخوانى الذى فاز فى انتخابات المرحلة الانتقالية الثانية.

وأدت تصرفات هذا الثنائى المغرور إلى إعلان الرئيس السبسى عن خوضه انتخابات الرئاسة على رأس حزبه نداء تونس الذى جمع وقتها كل القوى الليبرالية فى تونس وفاز باكتساح على مرشح تحالف اليسار الإخوان.. وقاد البلاد وسط ازمات اقتصادية كبيرة ما زالت قائمة، ولكنه نجح فى التخفيف من آثارها.

الباجى قايد السبسى هو شخصية ليبرالية تؤمن بالعلمانية وبالدولة المدنية، وهو ذو فكر سياسى يؤمن بالديمقراطية إيماناً حقيقياً، وليس شعارات يرفعها ويفعل غيرها، واستفاد من اخطاء رفيق دربه الرئيس الاسبق الحبيب بورقيبة الذى تحول إلى ديكتاتور رغم وجهه العلمانى الليبرالى،

وكان شجاعاً عندما اعلن عن مساواة المرأة بالرجل فى الإرث، وأعلن رفضه لفكرة المرجعية الدينية للبلاد، وأجبر البرلمان على اقرار قانون يحقق هذا الفكر وأجبر ادعياء الدين من جماعة الإخوان التى يمثلها حزب النهضة على الصمت والموافقة على القانون وكشف زيفهم وخداعهم للناس باسم الدين.

والسبسى وراء قرار حكومة يوسف الشاهد بمنع ارتداء النقاب فى المؤسسات الحكومية، قرار شجاع وقوى ولا يستطيع أى حاكم أو حكومة اتخاذ مثله، ولكن شجاعته جعلته يطبق القرار على الجميع، فمن حق الناس ان تعرف من الموظف أو الموظفة التى يتعامل معها حتى ان أخطأت يجب محاسبتها ويسهل الابلاغ عنها،

فتونس فى عهد السبسى اصبحت منارة للديمقراطية فى غرب إفريقيا واصبح التوانسة يتمسكون بالخيار الديمقراطى وبحرية الإعلام والصحافة وحرية الرأى والتعبير رغم الأحداث الإرهابية التى حاولت عرقلة المسيرة ولم يتخذها حجة لتقييد الحريات العامة، بل دافع عن الديمقراطية والحريات بقوة فى مواجهة دعاة العودة للخلف، ودعاة تقديم الحقوق الاقتصادية والاجتماعية على الحقوق المدنية والسياسية، فهو رجل قانون يعلم ان الحريات كتلة واحدة يجب ان تطبق بدون أى تجزئة

فالرئيس السبسى سيظل نموذجاً للقادة العرب الذين سوف يذكرهم التاريخ وسيظل نموذجا فهو من قال فى أبريل الماضى «إنه لا يرغب فى الترشح مجددا للانتخابات الرئاسية المقررة أواخر سنة 2019» رغم أن الدستور كان يسمح له بالترشح لولاية رئاسية ثانية، وترك الباب مفتوحاً للأحزاب والشخصيات المستقلة للتقدم للانتخابات المقبلة رغم تمرير البرلمان لقانون تمييزى يمنع شخصيات محددة من الترشح.

اليوم ستودع تونس رئيسها المنتخب الأول الذى صارع الأمواج رغم العراقيل التى كانت توضع فى طريقه من قوى سياسية معروفة.. الرجل الذى اصر على ان يكون رئيسا لكل التونسيين ونجح فى التوازن بين القوى رغم حالة الانشقاقات فى حزبه من اطراف محسوبة على جهات ودول خارج تونس.

رحم الله الرجل وندعو الله ان يجازيه على حسن اعماله، ونتقدم إلى الشعب التونسى ومناصرى الديمقراطيه فى هذا البلد بخالص العزاء، ونسأل الله ان يلهمهم الصبر والسلوان.