عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فكرة

قبل نحو أسبوعين، أنهت الدورة الثلاثون للمؤتمر القومى العربى، أعمالها فى العاصمة اللبنانية بيروت، ببيان لا يختلف كثيراً عن بياناته السابقة منذ تأسيسه فى تونس العاصمة عام  1990 فى أعقاب الغزو العراقى للكويت عام 1948.

من المعروف أن المؤتمر يتشكل من عناصر من البعثيين  والناصريين وتيار الإسلام السياسى، لا تمثل إلا فيما ندر، سوى أنفسها.

وعلى سبيل المثال لا الحصر، ليس كل  أطياف التيار الناصرى فى مصر ممثلاً فيه، كما توقف ماركسيون مصريون، وشخصيات مستقلة عن المشاركة فى أعماله، بعدما ضاقت مساحة التعبير عن الاختلاف فى مناقشاته وقراراته وحتى فى هياكله التنظيمية.

حدد بيان المؤتمر قراءته للمشهد العربى الراهن فى محورين، أحدهما يتراجع وهو المحور «الأمريكى -الصهيونى- الرجعى العربى الرسمى» والآخر يتقدم و«يضم المقاومة العربية والجمهورية الإسلامية فى إيران والقوتان الروسية والصينية وقوى التحرر العالمية».

أما الأدلة التى يسوقها البيان على التقدم الاستراتيجى للمحور الثانى، فهى «انتصار المقاومة فى لبنان على العدو الصهيونى، وفى العراق على الاحتلال الأمريكى، وصمودها فى فلسطين وقلب المعادلة فى سوريا وتقويض مشروع استهدفها..إلخ»!

وإذا كان مبدأ رفض الحصار الأمريكى على إيران لإجاعة شعبها وإفقارها لصالح إسرائيل متفقاً عليه، فلماذا غاب عن البيان نصيحة إيران بالكف عن تدخلها فى شئون دول المنطقة، والاعتراض على مشروعها الامبراطورى بالتمدد  المذهبى فى الإقليم؟ وما هو النصر الذى حققته المقاومة فى العراق وبه 6 قواعد أمريكية، وبعد أن بات محمية إيرانية، تنهشه الصراعات المذهبية، وتصنفه المؤسسات الدولية فى عداد الدول الفاشلة؟

أليس هذا النوع من الخطاب الخادع للنفس والرافض للمراجعة، هو من أيد غزو صدام حسين للكويت، ورفض دعوات مخلصة لإقناعه بتسليم السلطة لجناح آخر فى حزب البعث قبيل الغزو الأمريكى للعراق واحتلاله، لنزع المبررات الغربية لتنفيذه؟

وإذا كان المؤتمر يدعو إلى إنهاء الانقسام الفلسطينى، فلماذا لم ينصح حلفاءه فى حماس بالعدول عن انقلابها على السلطة الوطنية الفلسطينية وإقامتها إمارة إسلامية فى غزة، كانت سبباً رئيسياً فى تهميش القضية الفلسطينية، وتسهيل التجرؤ على حقوق الشعب الفلسطينى الدولية المشروعة؟

خرجت كل فصائل تيار الإسلام السياسى من رحم جماعة الإخوان، من القاعدة وطالبان إلى داعش وجبهة النصرة، ومن الجهاد الإسلامى والاتحاد العالمى لعلماء المسلمين إلى حماس وبوكو حرام وغيرهم. وبرغم تراجع هذا التيار وفقدانه للمصداقية، وحصاره على المستويين الدولى والإقليمى بعد تصاعد ظاهرة الإرهاب المقترنة به، فماذا حين يعبر المؤتمر القومى عن رفضه الإرهاب المرتكز على التطرف والتعصب وعن استخدام السلاح وسيلة للتغيير السياسى، لا يشير إلى أن مرتكيبه هم من التيار الدينى الساعى لإقامة دولة الخلافة بدعم قطرى وتركى؟ ولما يرفض الاعتراف بأن الكوارث التى لحقت بدول المنطقة منذ يناير 2011 فى مصر واليمن وتونس وليبيا وسوريا والعراق، هى من صنع يديه، وهى نفسها التى تعرقل الآن الوصول لتسوية سياسية تقود إلى دولة ديمقراطية حديثة لا خلط فيها بين الدين والسياسة، فى كل من الجزائر والسودان  وسورية؟ الأجابة عن ذلك معروفة، فمن بين قادته ومن يصيغون بياناته قادة فى هذا التيار، وبينهم من يروج تجارته بالدعوة للحوار والمصالحة بينه وبين الدول التى أدرجت جماعة الإخوان فى قائمة المنظمات الإرهابية، وإعادتها للمشهد السياسى !

وحتى يعيد  المؤتمر القومى النظر فى خطابه وتحالفاته، وحتى يؤمن أن  النيات الطيبة والشعارات النارية لاتنبى أوطانا، وأن الحقوق العربية المنهوبة لن تعود سوى بسياسات تحفظ حقوق المواطنة، وتفصل بين الدين والسياسة، وتقيم نظماً ديمقراطية علمانية حديثة، وجيوشاً وطنية تحميها، فلن تجد إجابة لديه عن تلك الأسئلة أو عن غيرها!