رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

قد يتعجب البعض مما يحدث الآن فى إسرائيل؛ ولكن متتبع الشأن الإسرائيلى يعرف جيداً الهوة الساحقة والتباين بين يهود الشرق والغرب؛ وخاصة القادمين من إثيوبيا؛ ومنذ عدة سنوات كان هناك كتاب (يهود الفلاشا وأصولهم ومعتقداتهم وعلاقتهم بإسرائيل) كمحمد جلاء إدريس؛ وأيضا لعمر سلهم صديق دراسة عن يهود الحبشة (الفلاشا) وهى بمثابة الدراسة التاريخية الهامة لاحتقار الإسرائيليين ليهود الفلاشا لكونهم سود البشرة؛ بل ويعتبرونهم كفاراً لكونهم لا يؤمنون بالتلمود الذى يعد عند الصهيونى معيار صدق يهودية اليهودى؛ فالفلاشا يؤمنون فقط بالأسفار الخمسة الأولى من العهد القديم وهى لديهم بلغة الجعز؛ وليست باللغة العبرية وهى الأسفار التى تحوى أخبار الأنبياء وأهم عقائد وشرائع اليهودية وتفسير عدم إيمانهم بالتلمود أنهم هاجروا وانفصلوا عن باقى اليهود قبل التحريف؛ وقبل كتابة التلمود، فحافظوا على أصل الديانة، ولم يصلهم ما حرّف بعدها؛ وإن كان الأصل نفسه لا يخلو من تحريف؛ إلا أنه لا يبلغ حجم التحريف الموجود فى التلمود. كذلك يؤمن الفلاشا بأن الله اختارهم واصطفاهم دون باقى البشر. ويؤمنون بالوصايا لتى أنزلت على موسى عليه السلام فى سيناء، كما يؤمنون بالثواب والعقاب واليوم الآخر وبالبعث والنشور وبالجنة والنار وبمجىء المسيح الذى يسمونه «تيودورس آخر الزمان»، ويشترك الفلاشا مع باقى اليهود فى الاعتقاد بنجاسة غير اليهودى!.. والفلاشا كغيرهم من الأحباش بسطاء وغير متعلمين، ولا يعرفون اللغة العبرية ويأخذون شعائرهم من كهنتهم وأحبارهم، ويشرف الكاهن على شعيرة الاعتراف بالذنب ويحدد مقدار ونوع الكفارة بحسب الذنب وللكاهن مساعد يسمى «الدفترا» يحل محله إذا غاب، والكهانة عند الفلاشا وظيفة يمكن تعلمها لأى فلاشى وليست وراثية فى نسل «لاوى وهارون»، كما هى عند باقى اليهود، ويعيش كهنة الفلاشا فى أكواخ خاصة بهم لا يسمح لغيرهم دخولها؛ ويجب عليهم طهو طعامهم بأنفسهم؛ ويستقبل الفلاشا القدس فى صلاتهم ويتخلل الصلاة رقصات وحركات خاصة وترانيم باللغة الجعزية، ويؤدون ثلاث صلوات فى اليوم بعد طلوع الفجر وفى منتصف اليوم، وعند غروب الشمس، هذا غير الصلوات الخاصة بأيام السبت والأعياد، كما يعرف الفلاشا الصوم كعبادة الهدف منها إذلال النفس وتربيتها ويقدس الفلاشا يوم السبت ككل اليهود ولا يعملون فيه، ولا يشعلون ناراً ويأكلون الطعام بارداً فى الظلام، ولا يقربون نساءهم، ويحتفل الفلاشا بكل الأعياد الواردة فى التوراة ويضيفون إليها أعياداً خاصة بهم، ويعتمدون على التقويم القمرى -تقويم المسلمين- فى احتساب أيامهم وهم بذلك يخالفون أغلب اليهود الذين يعتمدون على تقويم مبدأ خلق العالم، ويستخدمون أسماء للشهور قريبة مما يستخدمه اليهود مثل «ليسان» أى «نيسان» و«تومس» أى «تموز» وأبرز أعيادهم: عيد رأس السنة ويوم الغفران وعيد المظال -وهو ذكرى إظلال االله سبحانه لبنى إسرائيل بالغيمة. وأعياد أخرى مما لم ترد فى التوراة ولا يعرفها باقى اليهود؛ يتمسك الفلاشا بأحكام التوراة فيما يخص الذبح؛ ويوجهون الذبيحة إلى القدس ويتلو الكاهن تبريكات وصلوات خاصة قبل الذبح ويحرصون على تنظيفها من الدم جيداً، ويعتبرون طعام غير اليهود «الجويم» نجساً لنجاسة أصحابه. والطهارة وشروطها عندهم صعبة جداً ومبالغ فيها فالفلاشى يفقد طهارته إذا حمل ميتاً أو غسله أو دفنه ويجب عليه البقاء سبعة أيام خارج القرية يتطهر فى اليومين الثالث والسابع منها بالغطس فى النهر؛ ولعل هذا ما جعلهم يسكنون على ضفاف الأنهار، وبعد عودته يرشه الكهنة بماء مخلوط برماد بقرة حمراء، وكذلك كل من كان فى خيمة ومات فيها إنسان فهو نجس وكل من لمس عظم إنسان فى الصحراء أو قبراً فهو نجس وكل إناء مكشوف الغطاء فهو وما فيه نجس؛ ومن لمسه نجس لسبعة أيام، وكل غير يهودى نجس هو وطعامه؛ وطهارة المرأة عند الفلاشا أصعب وأكثر تعقيداً فإذا ما جاء المرأة الحيض وجب خروجها إلى«كوخ اللعنة» أو«كوخ الدم» لتمكث فيه سبعة أيام يقدم لها الطعام خلالها عن بعد وتحاط الخيمة بحاجز من الأحجار وتقوم بعدها بقص شعرها وأظافرها وغسل ملابسها والغطس فى النهر حتى يتاح لها العودة إلى بيتها، أما الحامل فبمجىء المخاض تذهب إلى خيمة الدم وتقضى فيها ثمانية أيام إذا ولدت ذكراً وتنتقل إلى خيمة تسمى «خيمة الوالدة» تقيم فيها اثنين وثلاثين يوماً قبل عودتها؛ وإذا وضعت أنثى فتمكث فى خيمة الدم أربعة عشر يوماً وتكمل فى خيمة الوالدة إلى اليوم الثمانين، وعند عودتها يقام لها حفل لتطهيرها حيث يرشها الكاهن بماء طاهر ويرش جدران البيت به وتشرب ومولودها منه؛ ثم تمدد ويضربها الكاهن على الرأس والظهر والرجلين وينتهى الحفل بتسمية المولود وحرق خيمة الدم حتى لا يتنجس أحد بها؛ لقد عاش الفلاشا فى الحبشة حياة اجتماعية بسيطة جداً وهى لا تختلف كثيراً من حيث المبدأ عن حياة اليهود فى كل بلدان العالم فالسمة الأبرز لحياتهم هى العزلة عن باقى المجتمع فكانوا يعيشون فى قرى صغيرة جداً، فى شمال غرب الحبشة، ولا يعدو سكان القرية الواحدة الخمس عشرة أسرة، أو سكنوا فى أكواخ منعزلة داخل القرى المسيحية على غرار «الجيتو» بائسة جداً مبنية من فروع الأشجار والطين. وعندما هاجروا إلى اسرائيل تم التعامل معهم كمواطنين من الدرجة الثانية وأقرب لمعاملة العبيد.