عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

إذا كنت قرأت جريدة «الشروق» أمس الأول الأحد فسوف تفهم لماذا تزدهر أجواء الشائعات فى بلادنا ولماذا تطلب الأمر إنشاء مركز إعلامى تابع لمجلس الوزراء لمتابعة ما ينشر من شائعات والرد عليها وكان آخرها حسبما نشرت «الشروق» فى ذات العدد الرد على 11 شائعة متنوعة تشمل مختلف القطاعات.

فقد نشرت الجريدة فى صفحتها الاولى خبرا عنوانه.. «الكهرباء»: لا صحة لبيع محطات سيمنس للقطاع الخاص»، وفى مضمون الخبر نفى على لسان الوزارة لما تردد عن بيع المحطات المشار إليها والتأكيد على أن ما نشر وتم تداوله فى هذا الشأن بوجه خاص أسئ فهمه لدى غالبية المواطنين. ويضيف الخبر أن التفكير لا يزال جاريا فيما يتعلق بدخول مستثمرين أجانب لإدارة وتشغيل محطات سيمنس مع توريد الكهرباء للحكومة بسعر يتم الاتفاق عليه.

وفى التفاعل مع هذا الخبر وإذا استعرنا تعبير كارل ماركس بأن الرأسمالية تحمل بذور فنائها، فإن خبر الشروق يحمل أسس نفيه وعدم صحته، الأمر الذى ربما يفسر لنا من أين تأتى الشائعات ولماذا تزدهر.. إنها تأتى من غياب الشفافية والتضارب فى التصريحات من الجهات المسئولة. ذلك أن خبر الاتجاه إلى التفكير فى بيع محطات سيمنس ليس سرا وإنما أمر تم بحثه وطرحه سواء من قبل مجلس الوزراء أو وزارة الكهرباء، وقد التقى الدكتور مدبولى فى هذا الخصوص مسئول الشركة الماليزية التى عرضت الشراء ونشرت الصحف تلك الأخبار باعتبارها تأكيدًا لوضعية مصر المتميزة ونقلها لتكون مركزا إقليميا للطاقة والتأكيد على المناخ المواتى للاستثمار فى البلاد.

كنت قد نشرت مقالا أشرت فيه إلى تأكيد لهذه الخطوة من قبل مسئول كبير بالوزارة سمعته بأذنى فى حديث هاتفى يؤكد لى الخطوة ويشرح لى أبعادها، وأنها قد تتم بعد دراسة متأنية وأن التفكير متواصل بشأنها لاتخاذ الموقف السليم الذى يعبر عن مصلحة مصر فى النهاية. هذا شيء جميل وطيب ومطلوب لكن أن تنفى الوزارة أى صحة لأنباء بيع المحطات فهذا ما يخلق مناخ الشائعات خاصة أن الخبر ذاته يشير إلى بحث دخول مستثمرين لإدارة وتشغيل المحطات وشراء الحكومة الكهرباء منهم، فماذا يعنى ذلك إن لم يكن يمثل فى النهاية بيع لهذه المحطات؟

لا أعرف السبب الذى دفع الوزارة إلى إصدار هذا النفى لـ «الشروق»، ولا أملك، حتى بمقتضى قواعد الذوق المهني، أن اشير إلى عدم صحة ما نشرته الشروق، لكنه مثال عملى على الأجواء التى ربما تدفع فى النهاية البعض إلى اختلاق الاكاذيب بشأن خطط الدولة فى مسيرتها التنموية خاصة فى ظل حالة الاستقطاب والخصومة مع تيار الإخوان الذى يحاول أنصاره اصطياد المواقف للتأكيد على صحة موقفهم.

فى الصفحة الثالثة من الجريدة تم نشر خبر موسع حول نفى الحكومة لـ 11 شائعة فى اجتماعها الأسبوعى من بينها تلك الشائعة المتعلقة برفع سعر رغيف الخبز المدعم والسلع التموينية بعد تحريك أسعار الوقود. ولا شك لديّ، على المستوى الشخصى، فى أن الحكومة ليس لديها نية لرفع سعر الرغيف لأسباب عدة، غير أن القارئ أو المواطن المصرى بشكل عام ربما يكون معذورا إذا تصور غير ذلك، وراح يصدق المتربصين بأداء الحكومة، عندما يقرأ على صفحات ذات الجريدة فى الصفحة الثانية خبرا مؤداه أن وزارة التضامن تعد لبدء تطبيق منظومة الدعم النقدى أول أغسطس المقبل. إن ذلك ربما لا يعنى للمواطن البسيط سوى تغيير نظام الدعم من عينى إلى نقدي، ما يعنى فى التحليل الأخير فى رؤيته الطبيعية للأمور رفع سعر رغيف الخبز. وربما يعزز ذلك ما نشره موقع «صدى البلد» عن دراسة تخفيض عدد الأرغفة إلى ثلاثة لكل فرد. ما أود الإشارة إليه أن هناك قضايا محددة ينبغى التعامل معها باحترافية إعلامية وعدم تركها للخائضين من ذوى النوايا السيئة.

تأتى أهمية هذه الرؤية فى ظل حقيقة أن الشائعات تزدهر فى حالة مناخ شعبى يتسم بانخفاض مستوى الوعي، خاصة مع حالة الانفتاح التى تعكسها وسائل التواصل الاجتماعى ما يجعل من الفيس بوك مثلا مزرعة للشائعات، ومن الغريب هنا أن الناس قليلة الإمعان فيما تقوم بمشاركته ومحاولة توصيله لأكبر عدد ممكن من أصدقائها على الفيس أو «الواتس آب».

. أذكر أن البعض قبل رفع البنزين بفترة راح يحدثنى عن الأسعار الجديدة وعندما راجعته عرض لى «بوست» منشورًا على «الفيس بوك» عبارة عن جرافيك تم اعداده بحرفية يتضمن أسعارا كشفت الرفع الجديد لأسعار الوقود عن أنها لم تكن سوى وهمية وتستهدف استثارة الجماهير.

وفى النهاية، ومع كل التقدير لجهود المركز الإعلامى لمجلس الوزراء فى محاربة الشائعات، وهو الأمر الذى يكشف عن مجهود خارق لدحض أكاذيب ما أنزل الله بها من سلطان، فإن مواجهة الشائعات إنما تبدأ من خلال محاربة ثلاثية عدم الشفافية وانخفاض مستوى الوعي، وعلاج حالة الاستقطاب السياسى التى يسعى البعض لتعزيزها.. فذلك هو سبيل المواجهة الحقيقية إذا أردنا بحق أن نواجه أحد أخطر الحروب النفسية.. الشائعات! والله أعلم.

 

[email protected]