رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

منذ أكثر من نصف قرن والولايات المتحدة تجرى وراء استراتيجية إمبريالية كبرى، من أجل سيطرتها على العالم وإخضاعه، وظهر هذا جلياً فى أزمة الصواريخ الكوبية، بهدف السيطرة مهما علت المخاطر. وفعلت هذا إدارة بوش فى العراق، ودفعتنا نحو الحدود النهائية للسيطرة الإمبريالية نحو الاختيار بين امتيازات القوة وإمكانية العيش على الأرض. وهذا ما تسير على خطاه بالورقة والقلم الإدارة الأمريكية فى أى زمان ومع أى رئيس، فهى سياسة واحدة لا تختلف بتغير الرؤساء.

فكل المظاهر الأخيرة لسياسة السيطرة على العالم، من الأحادية، وتعطيل الاتفاقيات الدولية، إلى إرهاب الدولة لتحقيق الهيمنة الأمريكية، تنفيذاً لخطة السعى الأمريكى لتسيّد العالم، من خلال سياسات الحكومة الأمريكية الهادفة لتحقيق «السيطرة التامة» مهما بلغت تكاليف تلك الرؤى.. ولقد أشار إليها بوضوح فى مقالة وكتاب الكاتب الأمريكى «نعوم تشومسكى».. ففى كتابه «الهيمنة أم البقاء» يتفحص كيف وصلنا إلى هذه اللحظة، وما هى المخاطر المحدقة بنا، ولماذا يرغب القادة الأمريكيون فى تعريض مستقبل البشر للخطر. محللاً مبادئ الاستحواذ التى يتميز به الفكر الأمريكى الراغب فى قيام الإمبراطورية الأمريكية تحت مسميات لدول تخضع قرارتها وإرادتها لأمريكا حتى وإن كانت بشكل صورى يطلق عليها مستقلة، وتلك وصفة لتحويل العالم إلى مستعمرة أمريكية... وفى مقال مهم له «الأسلحة الصّامتة للحروب الهادئة» وهى «وثيقة سريّة» تم العثور عليه صدفة سنة 1986 عن أساليب التحكّم فى البشر. طرح 10 استراتيجيّات للأساليب المستخدمة من قبل وسائل الإعلام العالميّة للسيطرة على الشّعوب وهى الاستراتيجيات التى تعتمدها دوائر النفوذ فى العالم للتلاعب بجموع النّاس وتوجيه سلوكهم والسيطرة على أفعالهم وتفكيرهم فى مختلف بلدان العالم. أولها وأخطرها استراتيجيّة الإلهاء المبنية أساساً على التحكّم بالمجتمعات، بتحويل انتباه الرّأى العام عن المشاكل المهمّة والتغييرات التى تقرّرها النّخب السياسية والاقتصادية، وهى استراتيجيّة ضروريّة أيضًا لمنع الناس من الاهتمام بالعلوم، والاقتصاد، وبالتركيز على تشتّت اهتمامات العامة، بعيدًا عن المشاكل الاجتماعية الحقيقية، وجعل هذه الاهتمامات موجهة نحو مواضيع ليست ذات أهمية حقيقيّة، فينحصر تفكير الناس فى التفاهات، من دون أن يكون لهم أى وقت للتفكير.. ويبدو هذا فى الحكايات الغريبة عن ما يقال فى السوشيال ميديا من أطروحات عقيمة غرقنا فيها فى الآونة الأخيرة.. وهناك استراتيجية ابتكار المشاكل ثم طرح الحلول، وأعتقد أن تلك الاستراتيجية كانت تنفذ بخطى ثابتة أبان الحكم الإخوانى لتدمير البنية التحتية، واستكملتها الجماعة الإرهابية بتنظيم تفجيرات دامية، على أمل مطالبة الشعب بعودتهم للمشاركة السياسية.

وهناك استراتيجيّة التدرّج فى كل شيء تريده الإدارة التابعة للأمريكان لتصل فى النهاية إلى ما تريده على فترات طويلة قد تصل إلى 10 سنوات بنظرية أطياف اللون الواحد «من الفاتح إلى الغامق»، واعتمدت تلك الطريقة بين الثمانينيات، والتسعينيات من القرن السابق ببطالة شاملة، وفساد، وفى عصر الإخوان الكلام عن المشاركة ثم الدخول فى مرحلة المغالبة؛ والسير نحو أخونة الدولة بأكملها. أما استراتيجيّة التأجيل فقد استخدمها الرئيس المعزول كثيراً وهى طريقة تعتمد على إكساب القرارات المكروهة القبول وتقديمها كدواء «مؤلم ولكنّه ضروري»، مع كسب موافقة الشعب فى الحاضر على تطبيق شيء ما فى المستقبل. فقبول تضحية مستقبلية يكون دائمًا أسهل من قبول تضحية الآن على طريقة «إحيينى النهاردة وموتنى بكرة». ويترك كلّ هذا الوقت للشعب حتى يتعوّد على فكرة التغيير ويقبلها باستسلام عندما يحين أوانها.

أما أكثرها خبثاً فهى استراتيجيّة مخاطبة الشعب كمجموعة أطفال صغار بتقديم خطاب وحجاج للشعب وشخصيات ونبرة ذات طابع طفولى، وكثيرًا ما تقترب من مستوى التخلّف الذهنى، وكأن المشاهد طفل صغير أو معاق ذهنيًّا، كلّما حاولنا مغالطة المشاهد، زاد اعتمادنا على تلك النبرة.

أما استراتيجيّة استثارة العاطفة بدلا من العقل فتنجح فى الوطن العربى، وبالأخص مصر وهى تقنية كلاسيكية تُستعمل لتعطيل التّحليل المنطقى، وبالتالى الحسّ النقدى للأشخاص. كما أنّ استعمال المفردات العاطفيّة يسمح بالمرور للاّوعى حتّى يتمّ زرعه بأفكار، رغبات، مخاوف، نزعات، أو سلوكيات!

أما استراتيجية إبقاء الشّعب فى حالة جهل وحماقة فاستخدمت فى مصر بجدارة؛ وفكر السمع والطاعة المبنى عليه الفكر الإخواني يعتمد عليها أيضاً، إلى جانب زيادة الفوارق بين التّعليم المقدّم للطبقات المسحوقة والأفقر، والطّبقات العليا، والاستفادة من استراتيجيّة تشجيع الشّعب على استحسان الأسوأ فلا يرفض أن يكون غبيًّا، همجيًّا وجاهلًا.

ولغة الحوار الموجودة على شبكات التواصل الاجتماعى الآن تؤكد أننا وصلنا لهذا بكل اقتدار.

أما استراتيجيّة تعويض التمرّد بالإحساس بالذنب، فقد طبقت فى مصر بطريقة مضادة بالتأكيد على أن الفرد ليس المسئول عن تعاسته، بل الدولة التى لا تقدر ذكاءه وقدراته أو مجهوداته.

فوجدت الاضرابات والبلطجة كوسيلة للحصول على حقوق لم يفعل شيئاً إيجابياً للحصول عليها، وكل هذا يقودنا إلى نفس منعطف الدولة الاكتئابيّة ولكن على الطريقة المصرية.

أما استراتيجيّة معرفة الأفراد لكيفية إدارة الدولة أكثر ممّا يعرفون عن إدارة أنفسهم فلقد شارك فى توصيل هذا الأسلوب وتقديم الخدمات له المتحكمون فى السوسشيال ميديا وأبواق الدعاية المضادة، وهو المطلوب للتحكم فى البشر السلاح الأقوى ضد أى دولة للسيطرة عليها.