عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

التصور الدينى للعالم هو المسيطر على عقول المصريين منذ آدم وذريته وحتى حسن البنا وجماعته ، ومن المؤكد أنه لا سبيل على الاطلاق لنجاح أى ثورة فى مصر إلا بثورة المصريين على دواخلهم المحتلة بتصورات خادعة ثبتها فى العقل الجمعى المصرى من عهد خوفو الى زمن مرسى كهنة المعابد  القديمة والقساوسة والشيوخ  .. الرصيد الباقى من رحلة الزمن المصرى عبر آلاف السنين أن العقول قد تم تحنيطها وتثبيتها فوق أجساد تتحرك بتهويمات التصور الدينى للعالم والذى قد لا يختلف فى التمسك به كهنة معابد خوفو ورمسيس عن كهنة الاخوان وعمائم كثير من تجار الأديان والأوطان.. الكل لا يحمى قيمة ولا يدافع عن مبدأ ولكن جريمة التاريخ التى استعصت على الفهم والاستيعاب أننا ملوك وصعاليك ندافع عن طريقة وتنظيم وليس عن رسالة .. نحن عبيد ما نخاف وعندما نتطلع للحرية نريدها متسقة مع جبال الكذب الراسخة بعقولنا وتحت جلودنا .. نثور على الظالم  ونمارس الظلم .. نثور على المستبد ونمارس القهر .. نثور على الجهل ونكفر بالعلم والتفكير العلمى ..

لقد سبقنا بنصف قرن ويزيد الرائع نجيب محفوظ فى الكثير من أعماله التى ربما تمنى أن تساعد المصريين على فهم حقيقة حارتهم وتقاليد حكمها  .. حلم الرجل للمصريين بأن يفجروا طاقات العلم والمعرفة ويكتبون نهاية حقيقية لرحلة طالت ولا تزال مع الفقر والقهر والذل والاستضعاف .. أن يفيقوا ويخرجوا من كهوف الجمود ويدركوا كما يرى فى روايته « حكاية بلا بداية أو نهاية » أن التصور الدينى للعالم دبت فيه الشيخوخة منذ زمن عندما فقد القدرة – مثل الشرايين حين تصاب بالتيبس والانسداد – على الاستجابة لمتطلبات العصر الذى لا سنة له غير التغير  .. وعلى لسان شخصياته يقول على عويس ( الذى يمثل جيل العلم والتغير والتمرد ) الدنيا تتغير بلا توقف ولا رحمة يا مولانا .. فيرد عليه الشيخ العجوز محمود الأكرم ( ممثل الجمود والتجارة بالدين )  .. ولكن الحقائق باقية خالده .. ويرد على عويس - التغير هو الشيء الوحيد الخالد يا مولانا – فيرد العجوز أراك تتعلق بظاهر كاذب خادع – فيجيبه الشاب معذرة يا سيدى – فالظاهر الكاذب هو الجمود  ....

التخلف فى جملته يتحول عند الشعوب المنكوبة به الى ما يشبه العقيدة الدينية والطريقة التى لها شيوخها .. وأمام حقائق عصر العلم وتجلياته فان «الطريقة » لم يعد لها أهل ولم يبق منها إلا الأغانى والأذكار والنذور وأن  شيوخ الوهم  لم يدافعوا يوما عن روح الطريقة أو الجماعة وجوهرها بل عن طقوسها وامتيازاتها وأطماعها  .. الاستاذ نجيب محفوظ يجهر بالحقيقة على لسان أحد شخصيات روايته حكاية بلا بداية أو نهاية « إن الجماعة أو أهل الطريقة امام خيارين لا ثالث لهما إما الدعارة وإما القداسة » ..  مهمة تجار الدين وعلى الاخص بعد ان ناب عنه العلم فى تفسير حقائق الوجود لا يمكن ان تكون سوى مهمة  «قديس» يعمل بالوكالة عن السماء .. نحن إذن عاجزون عن فهم  ما يحررنا من الخوف المستبد بنفوسنا وعقولنا باسم الدين .. وأخيرا وحتى لا ننفصل عن واقع نعيشه فإن رابعة العدوية قد اختارت فى لحظة فارقة أن تنتقل من حياة الدعارة للقداسة .. فهل آن الأوان لمن يعتصمون بمحرابها أن يهتدوا بما فعلت -  أم أن دعارة الفعل مقدسة عند إخوان الهوى السياسى  ..