رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أحوالنا

 

 

إنه الاقتصاد يا غبى. عبارة أطلقها بيل كلينتون اثناء حملته الانتخابية ضد الرئيس جورج بوش الاب، وصارت مثلا يحتذيه كل من ينشد فهم مجريات الامور العامة، خاصة ما يكتنفه الغموض منها. ومن الجلى ان الرئيس دونالد ترامب وعى هذا الدرس جيدا وراح يردد بلا ملل الانجازات التى حققها خلال فترة رئاسته فى المجال الاقتصادى خاصة ما يتعلق بمعدلات التشغيل التى يؤكد انها غير مسبوقة، الى جانب مكاسب البورصة وغير ذلك من الامور التى يشكك فيها خصومه الديمقراطيون. ولكن بغض النظر عن تباين اراء الجانبين فإن الامر المؤكد ان الاقتصاد بات من اهم العناصر التى تؤثر على تشكيل الرأى العام فى كل دول العالم. ومن هذه الزاوية يمكننا النظر الى الكثير من قرارات الرئيس ترامب ازاء المكسيك وايران والصين، وايضا قراراته المتعلقة بالخروج من الاتفاقيات الدولية مثل اتفاقية باريس للمناخ وقراراته الخاصة بفرض عقوبات على دول ومؤسسات عديدة بينها شركة هواوى الصينية. ويمكن النظر الى الخلاف مع هذه الشركة من زاوية اكثر شمولا، حيث انها تتعلق بالاقتصاد الكونى فى عالم اليوم والغد. وتعود القصة الى الربع الاخير من القرن العشرين فماذا حدث آنذاك؟

لقد شهدت تلك الحقبة انتقال البشرية الى ما يسمى بالموجة الثالثة من الحضارة حسب وصف عالم المستقبليات «الفين توفلر» الذى قسم تاريخ البشرية الى موجات بدأت بالموجة الزراعية، ثم الموجة الصناعية وبعدها الموجة الثالثة التى تقترن بالعلوم والمعلومات والتكنولوجيا. ولكل موجة من هذه الموجات افكارها وملامحها المميزة التى تختلف فى جوهرها عن الموجتين الأخريين. فبينما نجد الانسان فى المجتمع الزراعى يعيش حياة الدعة والهدوء فى ظل ايقاع بطىء للحياة، جاءت الثورة الصناعية بصخب وضجيج الآلات التى صاحبت عصر  البخار والمحركات والايقاع السريع. ومع تطور الموجة الثالثة فى الالفية الجديدة دخلنا عصر المعلومات الذى تطور الى عصر المعرفة. فى عصر الزراعة كانت الاهمية القصوى تعطى للأرض وتملكها وللعائلة الكبيرة حيث كان البيت الكبير يضم الاب والام والابناء والاجداد والاعمام والاخوال، فالعائلة تمثل الجاه والعزوة والأيدى العاملة، بينما ظهر فى المجتمع الصناعى ما عرف باسم العائلة النووية التى تقتصر على الاب والام والابناء.

فى المجتمع المعرفى استعاد الانسان اهميته امام الآلة التى كانت تحظى بالمكانة الاولي. اصبح للفكر الانسانى والقدرة على الابتكار والتجويد مكانة كبيرة فى المجتمعات المعاصرة. وليس ادل على ذلك من ان افرادا فى عمر الشباب مثل «بيل جيتس» و«مارك زكربيرج» كونا ثروات بمليارات الدولارات من مشاريع معلوماتية. لقد اصبحت مؤسسات المعلومات مثل جوجل وفيسبوك وابل وهواوى من اغنى واكبر المؤسسات فى العالم بعد ان كانت المؤسسات الصناعية تحتكر هذه المنزلة. واذا كانت مؤسسات الموجة الزراعية والصناعية تباهى بضخامة حجمها فإن شعار المجتمع الجديد هو «الصغير هو الجميل» ومع انتشار مفهوم العولمة أصبحت الافكار المعرفية تتجه نحو التطبيقات العالمية. ومن امثلة ذلك تطبيق «أوبر» الذى وفر خدمات المواصلات فى كل ارجاء العالم باستخدام الاتصالات العصرية واستغلال فائض الوقت والجهد لدى البعض. وعودة الى هواوى وغضبة الرئيس الامريكى عليها نجد انها كانت أعلنت انها ستصبح اكبر منتج للموبايلات الذكية فى العالم بنهاية العام الحالي، كما توقعت ان تقود شبكة «G5» الصينية العالم كله. والمعروف ان هذه الشبكة ستعزز بعض التطبيقات المتقدمة فى مجال الذكاء الصناعى مثل القيادة الذاتية للمركبات والتشخيص الطبى عن بعد.. إنه الاقتصاد يا ذكى.