رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ندى

اقتضت حكمة المولى عز وجل أنه إذا اكتمل شىء بدأ فى النقصان, فقد انتهى شهر رمضان الكريم بأيامة المباركة, ولياليه العظيمة,صمنا نهاره وقمنا ليله وقرأنا كلام ربنا وتصدقنا من أموال خالقنا , وصفت أرواحنا, وتطهرت نفوسنا, وعلت همتنا,ثم ماذا بعد.

مع انتهاء آخر ليلة من ليالى الشهر الكريم, عدنا أدراجنا , أعدنا المصاحف إلى أماكنها, وأصبح القرآن مهجورا, واشتكت المساجد من قلة روادها,وانقطعت صلة الرحم,وانخفضت الهمم, وكأننا كنا فى مهمة رسمية مدتها ثلاثون يوما قضيناها وعدنا.

هذا للأسف الشديد حال معظمنا, يصدق علينا قصة السيدة التى نقضت غزلها, يقول الحق عز وجل: «وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِى نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ» وقصة هذا المثل الذى ضربه الله تعالى للدلالة على شناعة إتيان الفساد بعد الإصلاح طوعاً، أن التى كانت تفعل ذلك امرأة معروفة فى مكة، كانت تسمى خرقاء مكة، وكانت تغزل، فإذا أبرمت غزلها تنقضه، وقيل إنها أسلمت بمكة، وتسمى رَيطة بنت عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة، وسميت جعرانة، وكانت بها وسوسة، ولم يكن لها نظير فى فعلها ذلك، فقد ذُكر أنها كانت امرأة خرقاء مختلّة العقل، ولها جَوارٍ، وقد اتّخذت مِغْزلاً قدر ذراع، وصِنّارَة مثل أصبع، وَفَلْكَةً عظيمة على قدر ذلك، فكانت تغزل هى وجواريها من الغداة إلى الظهر، ثم تأمرهن فتنقض ما غزلته، وهكذا تفعل كل يوم.

فينبغى ألا نكون مثل تاجر جمعَ أموالاً وعقارًا ودُنيا، وهوَ فى جَمعِهَا مُجِدٌّ ومجتهدٌ ناصبٌ، ثم لَمَّا بلغَ قمَّةَ الهرم واستوفى العِزَّةَ والجاهَ والنوال، فتحَ الخزائنَ للسُّرَّاق، وتركَهَا للقوارض والعوادى دونمَا حِفظٍ أو حِراسةٍ أو مُلازمةٍ، إذًا تضيع أموالُه وأملاكُه التى رَبِحها؛ لأنَّه ما حافظَ عليها.

فكذلكَ مَنِ اكتسبَ أعمالاً وطاعاتٍ وحسناتٍ فى رمضان، إذا لم يحرُسَها بالاستقامةِ، ويلازمها بقفلِ المداومَةِ، ويَجْعَلْها فى حِرْزِ الاستمرار، ضاعتْ وأصبحتْ هباءً منثورًا .

وهلْ عَلمنا تاجرًا يشقُّ كيسَ دراهِمِه, فكذلكَ الصائمُ عِندما يشقُّ كِيسَ حسناتِهِ بالتفريطِ والتضييعِ، ولقدْ أَضاعَ رمضانَ أقوامٌ بمجرَّد زوالِ آخِرِ لحظةٍ منه، بعضُهُم استقبلَ العيدَ مودعًا لكلِّ خيرٍ ألفه، ولكلِّ عملٍ صالحٍ عَمِلَهُ، وبعضُهم ودَّعَ رمضانَ بالمعصيَة، أولئك الذينَ خَسِروا وخَابوا.

لابد ألا نعتقد اعتقادا جازما أننا لا نعبد شهرا بل نعبد رب الشهر, ولا ننسى ابدا أننا محاسبون على كل لحظة من حياتنا , وأن علامة قبول الطاعة اتباعها بطاعة أخرى كى نفوز بخيرى الدنيا والآخرة.

[email protected]