رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ندى

كان رجل من الصحابة- ولكنه فى النهاية إنسان يجرى عليه ما يجرى على النفس البشرية من هنات وسقطات- قد وسوس له الشيطان يوماً وأغراه بجارية لرجل من الأنصار، فخلا بها عن أعين الناس وكان الشيطان ثالثهما، فلم يزل يزين كلاً منهما لصاحبه حتى زنيا, فلما فرغ ماعز من جرمه تخلى عنه الشيطان، فبكى وحاسب نفسه ولامها، وخاف من عذاب الله، وضاقت عليه حياته، وأحاطت به خطيئته، حتى أحرق الذنب قلبه، وهذا دأب الصالحين.

قال تعالى «وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ».

 ذهب الرجل إلى أبي بكر ليخبره, فقال له هل أخبرت غيري؟ فقال: لا, فقال له أبوبكر: فتب إلى الله واستتر بستره، فإن الله يقبل التوبة عن عباده، ثم أتى عمر بن الخطاب, فقال له مثل ما قال له أبوبكر, ثم جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعرض عنه ثلاث مراتٍ، وفى الرابعة بعث إلى أهله، فقال: «أيشتكي أم به جنة»؟ فقالوا: يا رسول الله إنه لصحيحٌ! فقال «أبكرٌ أم ثيبٌ»؟ فقالوا: بل ثيبٌ يا رسول الله. فأمر به فرجم حتى مات, وصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم والناس».

فلما صلوا عليه ودفنوه مر النبى على موضعه مع بعض أصحابه، فسمع رجلين من أصحابه يقول أحدهما لصاحبه:

انظر إلى هذا الذى ستر الله عليه ولم تدعه نفسه حتى رُجم رجم الكلاب.

فسكت النبى ثم سار ساعة.. حتى مر بجيفة حمار قد أحرقته الشمس حتى انتفخ وارتفعت رجلاه.

فقال صلى الله عليه وسلم: أين فلان وفلان؟

قالا: نحن ذانِ يا رسول الله.

قال: انزلا فكلا من جيفة هذا الحمار.

قالا: يا نبى الله.. غفر الله لك، من يأكل من هذا!

فقال صلى الله عليه وسلم: ما نلتما من عرض أخيكما آنفاً أشد من أكل الميتة.. لقد تاب توبة لو قسمت بين أمة لوسعتهم، والذى نفسى بيده إنه الآن لفى أنهار الجنة ينغمس فيها.

فطوبى لماعز, نعم وقع فى الزنا.. وهتك الستر الذى بينه وبين ربه, لكنه سرعان ما تاب توبة نصوحاً لو قُسمت بين أمة لوسعتهم, وأعطى درساً عملياً لكل مذنب ألا يقنط من رحمة الله التى وسعت كل شىء, فما أحوجنا لتوبة فى هذا الشهر الكريم نغسل بها ذنوبنا, ونمحو خطايانا, ونطهر قلوبنا, لنبدأ حياة جديدة ملؤها الأمل والرجاء.

[email protected]