رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

 

 

 

لف العالم كله.. لن تجد لها مثيلاً.. مع احترامى لكل الجنسيات، لن تجد من تأكلها بـ«دقّة» مع زوجها وأولادها وهى تبتسم فى صبر، لن تجد مثلها يمسك بمجداف على مركب متهالك تحت الشمس الحارقة لتصطاد الرزق البسيط بجانب زوجها ووجهها الأسمر «متفلق» بالسعادة، لن تجد مثلها يلف ويدور من الصباح وحتى بعد منتصف الليل فى فلك العمل والأولاد والمذاكرة لهم وشغل البيت ومن ثم إرضاء الزوج، من تفنى كل شبابها وعمرها لأجل أسرتها، لن تجد من تذيب طموحها وأحلامها فى طموح وأحلام أولادها مثلها، لن تجد من تضحى بكل مطالبها فى الحياة، لتوفر لأولادها احتياجاتهم بدلاً منها.

لن تجد مثلها من تقبع بجانب الأولاد مكبلة برباط غير مرئى من الحنان والحب والمسئولية حتى لو انصرفوا عنها بانشغالاتهم الإنترنت، لن تجد من تتنازل عن الفسحة ومتعة الخروج مع الصديقات وكل متع الحياة لتفرغ كل وقتها لبيتها، من تبيع مصاغها وكل ما تملك لتقف بجانب زوجها، لن تجد الأرملة منها أو المطلقة تنذر شباباها وما بقى من عمرها لأجل أولادها،.. لن تجد مثلها.. عمود البيت الذى يستند عليه الجميع فلا تكل أو تمل،.. شمعته التى تحترق من أجل الجميع حتى آخر ومضة من حياتها.. وردته التى تفوح العطر للجميع وإن غرسوا فى قلبها الأشواك، إنها الأم المصرية.. وحدها.. بكل تفاصيلها الكثيرة.. الكثيرة من العطاء والتضحية والصبر والتفانى.

الأم المصرية لا تشعر أولادها بكارثة آخر الشهر، أو بوجود أزمة مالية دائمة تحاصر البيت، تتفنن فى الطهى بأرخص الأشياء حتى لو تصنع لهم «العصيدة»، تطبخ بلا لحوم أشهى طعام، وتتفنن فى صنع الحلوى لتوفر الشراء من المحلات، ترتق الملابس والجوارب، وتصنع مزهريات من الزجاجات الفارغة، والسجاد من بقايا قصاقيص القماش، ومن «برطمانات» المربى الفارغة تصنع «مقلمة» للأولاد وطقم توابل للمطبخ، وتحول البنطلون الجينز القديم إلى شنطه، ومحفظة، الأم المصرية الوحيدة التى تدخر طاقم «الصينى»، الذى تزوجت به لابنتها، وتغطى الأنتريه بكسوة حتى لا يتلف فلا تكبد زوجها ثمن آخر جديد.. وقس على هذا آلاف الأشياء المدبرة الموفرة.. والتى تمتاز بها قدرات الأم المصرية.. السوبر، الأم التى تعود من عملها لتدخل المطبخ وهى لا تزال بملابس الخروج لتكمل طهو الطعام لزوجها وأولادها..

نعم، أنا منحازة للأم المصرية عن جدارة، لففت كثيراً من دول العالم، الغربى والعربى، ودون ذكر أسماء حتى لا تغضب نساءها، هناك بعيداً عن مصر، الأم تتمسك بحقوقها الذاتية أيما تمسك، فلا تتنازل عنها إلا ما ندر، لا تتنازل عن حقها فى العودة للعمل ما أن تنتهى الأشهر الثلاثة لإجازة الوضع، تاركة المولود فى حضانة، أو مع مربية، وهناك تحتفظ الأم بحقها فى الخروج أسبوعياً على الأقل مع صديقاتها للتسكع وشرب القهوة أو للسباحة، فى بلدان غير مصر الزوج كثيراً ما يجبر على إحضار مربية للأطفال، فيما زوجته تعيش حياتها بين مصفف الشعر والتنزه وشراء ما تشتهيه من المولات.

فى غير مصر، كارثة أن تتنازل الزوجة عن مصاغها أو ما تملكه لتبيعه من أجل زوجها وأولاها، الذمة المالية منفصلة تماماً، والزوج مطالب بنفقات البيت ونفقاتها هى شخصياً بما فيها أدوات الماكياج أو حتى نفقات جراحات تجميلها لتظل أمامه محتفظة بجمالها ودلالها، وراتبها لها وحدها تنفقه على رفاهيتها وجمالها.

من هنا الأم المصرية تمرض بدرى.. بدرى.. وتبدو عليها علامات السن بدرى بدرى.. فيسرع الزوج ليتنازل عنها بكل سهولة ويجرى إلى أحضان أخرى شابة.. أو قد تموت بدرى بدرى.. لتترك له الفرصة كاملة ليتهنى بثمرة جهدها وتعبها مع عروس شابة.

منحازة أنا للأم المصرية وبقوة...لأن كل حقوقها مهضومة ومنسية.. لذا أوصيكم أيها الأبناء خيراً بأمهاتكم.. أسعدوها بالطاعة والنجاح والبر.. اجعلوا كل أيامها فى كبرها عيد.. فقد توفوها بعضاً ضئيلاً مما كل ما صنعته لأجلكم.. كل لحظة وكل أم طيبة.

[email protected]