رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

صواريخ

منذ بداية مارس الجارى ونحن نحتفل بمئوية ثورة 19 أو الثورة الأم - أى الثورة التأسيسية للدولة المصرية - على اعتبار أن مصر قبلها كانت تحت وصاية الخلافة العثمانية من جانب والحماية البريطانية من جانب آخر، وبعد نجاح الثورة خرجت مصر من وصاية الإمبراطوريتين، وأصبحت كياناً سياسياً مستقلاً فى عام 1922 يعترف به كل العالم، وأصبح الشعب المصرى هو السيد فى وطنه وجاء دستور 23 مرسخاً لأركان الدولة الوطنية المصرية ومؤكداً سيادة الشعب.

ومع أن مصر الرسمية لم تحتفل بمئوية ثورة 19 بما يليق بتاريخها وإنجازاتها وتأثيراتها العميقة والممتدة حتى الآن فى تكوين وتشكيل هوية الدولة المصرية ومر يوم التاسع من مارس الجارى مرور الكرام، ولم يتم على أقل تقدير قيام مجلس الوزراء بإعلان هذا اليوم إجازة رسمية بمناسبة مرور 100 عام على الثورة الأم التى كانت بمثابة الاستقلال الحقيقى لمصر بعد عدة قرون من التبعية لدولة الخلافة وبعد التحرر من الحماية البريطانية، كما كان يجب إقامة احتفال رسمى وشعبى للدولة المصرية فى هذا اليوم الذى تحتفل به دول ومؤسسات عالمية مثل بريطانيا التى أعلنت عن مؤتمر بجامعة لندن لمدة ثلاثة أيام، وأيضاً فرنسا بمؤتمر فى معهد العالم العربى بباريس، والهند التى احتفت بالثورة فى إعلامها الرسمى ولم تغفل تأثير ثورة 19 على الهند واستلهام غاندى لخطوات سعد زغلول فى تحرير الهند.

صحيح أن وزارة الثقافة المصرية أقامت مؤتمراً دولياً لمدة ثلاثة أيام بالمجلس الأعلى للثقافة واختتمته بحفل فنى بدار الأوبرا المصرية أمس الأول، وفى اعتقادى أن هذا الاحتفال جاء على هذا المستوى الرفيع بسبب جهود الدكتورة إيناس عبدالدايم وزيرة الثقافة باعتبارها أحد رموز الإبداع والثقافة فى مصر قبل أن تكون وزيرة، وتعى جيداً قيمة هذا الحدث تاريخياً.. والحقيقة أن هذه الوزيرة المبدعة كانت على قدر المسئولية، ووجهت إمكانيات الوزارة - المتواضعة - فى قطاعاتها المختلفة بدءاً من فتح بيت الأمة ومروراً بدار الكتب والمجلس الأعلى للثقافة وانتهاء بحفل دار الأوبرا.. ولا أغالى إذا قلت إن هذا الاحتفال الرمزى حفظ ماء وجه الدولة المصرية.

ولعل أهم ما ميز مؤتمر وزارة الثقافة هو الدراسات العميقة والقيمة التى تناولها المؤتمر بمشاركة نخبة من العلماء والمفكرين والمؤرخين الذين تناولوا كل جوانب الثورة وتأثيراتها خارجياً سواء فى بريطانيا الدولة المحتلة أو فى السودان والعراق والجزائر وفلسطين والهند واستلهام روح ثورة 19 فى انفجار الثورات فى هذه البلدان على اعتبار أنها كانت الثورة الأم فى الشرق وملهمة لكل الأحرار والثوار فى العالم.. كما كانت الدراسات والندوات أكثر عمقاً وشرحاً فى تأثيرات الثورة على الشأن المصرى والتحولات الجذرية التى حدثت فى المجتمع بدءاً من هندسة الهوية المصرية فى أعقاب الثورة وشعارات الثورة ودلالتها والاقتصاد المصرى ما قبل الثورة وما بعدها، وتجليات الثورة فى إعادة هيكلة أدوار المرأة المصرية سياسياً واجتماعياً واقتصادياً، ومروراً بالحراك المجتمعى والنهوض الوطنى فى شتى المجالات وتفجر إبداعات المصريين فى الأدب والفنون والشعر والغناء والمسرح والفنون التشكيلية والنحت، وانتهاء بالجانب السياسى الذى حدد بشكل قاطع استقلال الوطن وانتصار الهوية الوطنية المصرية، والبناء التشريعى والقانونى لها، ولم تغفل الدراسات المتنوعة التى تجاوزت 75 بحثاً أثر ثورة 19 فى وجدان الشعب المصرى حتى الآن واستلهام الشعب المصرى لها قبل وأثناء ثورة 30 يونيو 2013 سواء فى جمع استمارات تمرد أو فى تلاحم الشعب المصرى لإنهاء حكم الإخوان والإصرار على الاحتفاظ بهويته التى ترسخت على مدار قرن من الزمان.

نائب رئيس الوفد