عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

أعتبر نفسى من المشغولين بقضية الديمقراطية ومستقبلها سواء على مستوى مصر أو على مستوى العالم ككل. وقد كتبت من قبل أكثر من مرة فى محاولة رصد التطورات التى نحياها فى هذا الصدد والتى تشير إلى أننا نعيش ما وصفته أو يمكن وصفه بنظم « ما بعد الديمقراطية»، ومن فرط ما قد يكون واقعية فى التناول فقد تصور البعض بالخطأ – والعياذ بالله! – أننى كفرت بالديمقراطية وأصبحت من أنصار الديكتاتورية!

وقد لفت نظرى الرصد الذى قد يكون أكثر عمقاً لما يجرى ما سمعته على إحدى الإذاعات المحلية فى سياق الدعاية التوجيهية للتعديلات الدستورية من أن دولة مثل الصين ربما تكون أجهزت على الديمقراطية بفتح المجال أمام الرئيس للحكم مدى الحياة، وأن شخصية مثل بوتين هو المتحكم فى مقدرات روسيا على مدى أكثر من عقد، وأن ميركل على رأس الحكم فى ألمانيا منذ 1999 أى عشرين سنة بالتمام والكمال.

كل هذا شىء وما يجرى فى الولايات المتحدة شىء ثان، باعتبار أن تلك الدولة هى التى تقود النظام الدولى فى كل تفاصيله. وقد رصدت من قبل جانباً مما يجرى على صعيد الجدل بشأن رئاسة ترامب، غير أن الأمور يبدو أنها تجاوزت هناك كل تصور، وتكاد أن تدخل فى عداد ما يفوق خيال المشرع الأمريكى، وهو الأمر الذى يصب فى النهاية فى جوهر الفكرة التى أشير إليها –دون أن يعنى ذلك موقفاً سلبياً منى من قضية الديمقراطية– وهى أن قيمة الديمقراطية فى تراجع على مستوى العالم.

على هذا الأساس قد يكون من المبرر أو المستساغ القول بأن الديمقراطية ربما تدخل فى إطار الفكر السياسى باعتبارها قيمة ارتبطت بزمن معين وانقضى، على غرار الديكتاتورية التى كانت الصيغة المفضلة للحكم فى وقت من الأوقات، أو الأوليجاركية –حكم الأقلية– التى كانت أيضًا منتشرة على مستوى عدد غير قليل من النظم، أو الحكم الدينى الممثل فى حكم الكنيسة والذى غلب على الموقف فى أوروبا حتى نهاية القرون الوسطى، وأن البشرية بصدد البحث عن شكل آخر جديد لتسيير نظم الحكم فى دول العالم المختلفة.

سبب هذا الحديث الذى قد يبدو للبعض مبالغ فيه ومحشو من أوله إلى آخره بالمخاوف والقلق، التحولات بالغة الجذرية فى الولايات المتحدة والتى يمكن القول باطمئنان أنها أقرب إلى هزات أرضية تنذر بزلزال مدمر قد تكون الديمقراطية أبرز ضحاياه. فمنذ أيام تصاعدت المواجهة التشريعية فى الكونجرس بين الأغلبية الديمقراطية بمجلس النواب وترامب بعد مطالبة لجنة الشئون القضائية بالنواب من 60 شخصا بينهم نجل ترامب الأكبر تسليم مستندات مرتبطة بمختلف جوانب حياة الرئيس الأمريكى تمهيدا لبدء مخططات المطالبة بعزله.

ورغم السلوك الحمائمى الذى حاول ترامب الظهور به بالرد على تلك الحملة بالتأكيد أنه رجل «غلبان» من خلال التغريد على تويتر بالقول «إنه برىء يتم ملاحقته قانونياً من جانب أناس أشرار مضطربين وفاسدين»، إلا أن المشكلة الأكبر تكمن فى طبيعة شخصية ترامب التى من الصعب التنبؤ بسلوكها. وقد كان من أخطر التطورات على هذا الصعيد شهادة مايكل كوهين المحامى السابق لترامب أمام الكونجرس والتى راح خلالها يحذر من أن «ترامب لن يقبل الهزيمة فى انتخابات 2020 وأنه إذا خسر الانتخابات لن يكون هناك انتقال سلمى للسلطة ما يعنى أنه قد يتم الإطاحة به باستخدام القوة». وما يزيد الأمور تعقيداً هنا أن الدستور الأمريكى لم يحدد كيفية عزل الرئيس إذا خسر الانتخابات ورفض تسليم السلطة.

لكن بغض النظر عن كل ذلك، أظن أنه إذا سارت الأمور على هذا النحو، وقد تسير رغم ما فى ذلك من تصورات تبدو مغرقة فى الخيال، فإنه لن يكون هناك بأى حال أى مجال للادعاء بديمقراطية نظام الحكم الأمريكى! اللهم لا شماتة!! أظنك فهمت لماذا أدعو إلى بلورة فكر آخر لما بعد الديمقراطية.. وذلك هو ما يمكن لنا بفخر أن نؤكد أننا كمصريين برعنا فيه وسبقنا العالم بكثير!!

[email protected] com