عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لعل وعسى

مع انتهاء الحرب العالمية الثانية ظهرت أهم الدروس المستفادة منها وهى ألا تعطى انطباعاً بأنك ضعيف، وألا تدع غيرك يظن بك الضعف فى إشارة بالغة لتجربة هتلر مع تشمبرلين رئيس وزراء بريطانيا، وهو ما أسس لوجود نموذجين دوليين، الأول الواقعيون تكون فيه القوة أكبر من القواعد والمعايير، والثانى المثاليون تكون فيه القواعد والمعايير أكبر من القوة والنموذج الثانى للأسف اتبعه العالم العربى ليؤسس لمفهوم جديد ظهر على الساحة الدولية بداية الخمسينيات من القرن الماضى وهو التبعية والذى تجلى فى انقسام العالم العربى ما بين تابع لحلف بغداد وتابع لحلف وارسو ليسقط العالم العربى على اثرها فى مثلث الرعب الفقر والجهل والمرض، ويبتعد كثيراً عن مثلث الواقعية وهو التنمية والاستقرار والمكانة على الرغم من امتلاكه لجميع العناصر التى تشكل أسس القوة من أرض وشعب وحكومة مدعومة بعنصر السيادة الذى على أساسه يستطيع العالم العربى السيطرة على موارده وثرواته وتعبئتها فى الاتجاهات التى تحقق مصالحة دون مؤثرات خارجية هيكلية وهو ما لم يعه العالم العربى الذى سقط فى فخ التبعية بالكامل للعالم الأوروبى ولكن جاءت حرب أكتوبر 73 لتعلن عودة الحياة للجسد العربى الذى أدرك أن القوة هى المفتاح الرئيسى لفهم ما يدور فى العالم وأن الملجأ الوحيد للعالم العربى هو قوته، فكان سلاح البترول الذى أجبر العالم الأوروبى على فتح سياسة الحوار مع العالم العربى بل سعى أوروبا لتطوير سياستها الخارجية الداعمة للتوجه الإسرائيلى فكان الإعلان عن عملية برشلونة 1995 بين أوروبا والبلدان على الساحل المتوسطى بما فيها الأردن وإسرائيل بهدف الوصول إلى منطقة تجارة حرة والتنمية الاقتصادية لجنوب المتوسط بعد حالة الخوف من تنامى ظاهرة الهجرة غير الشرعية وهو ما سعت إليه مبادرة سياسة الجوار 2004 للحد من الفجوة بين شمال وجنوب المتوسط لكن الزيادة المضطرة فى اعداد المهاجرين غير الشرعيين عجلت بإطلاق برنامج الشراكة الجديد فى قمة باريس عام 2008 لتشجيع التنمية المستدامة بمشاريع ومبادرات قطاعية تلتها مبادرات آخرها 2017 عن التنمية الحضارية وتخصيص 18.1 مليار دولار لدعم دول جنوب المتوسط، برغم كل هذه الجهود إلا أنها تحطمت على صخرة التبعية الأوروبية للسياسات الأطلسية وإعطاء ظهرها للعالم العربى مع عدم المساس بأطماع إسرائيل التى يمر 70 عاماً على قبولها عضواً كاملاً بمجلس الأمن يوجب القرار 69 لسنة 1949، كذلك تنامى المخاوف من صعود الحركات الإسلامية المتطرفة، لنجد أنفسنا الآن أكثر من أى وقت مضى نرمى بكامل المسئولية على العالم الأوروبى فى هذا الإخفاق التاريخى للعالم العربى فى التحول نحو مجتمعات صناعية منتجة تمكن من توفير فرص العمل لشبابها، بل أسهم هذا الإخفاق فى استرجاع مسئولية العالم الأوروبى فى إجهاض إى مشروع نهضوى لأى دولة عربية بداية من مشروع نهضة مصر فى عهد محمد على وانتهاء بمشروع نهضة العراق وكل هذا لصالح ضمان أمن إسرائيل.

ليس لأوروبا من خيار الآن إن أرادت الأمن والأمان والاستقرار سوى العناية بتطوير محيطها والانخراط فى شراكة تاريخية مع العالم العربى الذى تسببت فى تخلفه وإلا ستترك المنطقة للروس والصينيين والامريكان لتتمكن من تطويق أوروبا وتهديدها، أوروبا التى تنعم بثروات العرب، حيث بلغ حجم الاستثمارات العربية لديها 325 مليار يورو. مطلوب من العرب الآن أكثر من أى وقت مضى التعلم من نتائج الحرب العالمية الثانية فى أن القوة هى الملجأ الأخير لنا وهى الغاية والوسيلة فى العلاقات الدولية، بل وينظر إليها على أنها الملاذ الأول والأخير، عكس السياسة الداخلية التى تكون فيها القوة هى الملاذ الأخير وهو ما لم يستوعبه العرب الذين عكسوا الأمر فأصبحت القو ة هى الملاذ الأول والأخير فى السياسة الداخلية والملاذ الأخير فى العلاقات الدولية لتكون النتيجة أن بأسنا بيننا شديد وناعم على غيرنا. لعل ذلك يكون بداية لرسم طريق جديد نحو شراكة حقيقية بين العالمين العربى والأوروبى عسى أن يكون ذلك ضامناً طموحاتنا فى التنمية والاستقرار والمكانة اللائقة.

رئيس المنتدى الإستراتيجى للتنمية والسلام