رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

«ترامب» الحالم بالقضاء على شعوب أمريكا اللاتينية يضرب أسداساً فى أسباع؛ فالسفن «الغذائية» التى سيّرتها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، لم تستطع أن تتقدّم من جزيرة كوراساو التى تتخذ منها أمريكا مركزًا عسكريًا متقدمًا بالاتفاق مع هولندا، فاضطر مدير الوكالة مارك جرين إلى التراجع، خاصة بعد أن هدّدت البحرية الفنزويلية بالتصدى لأى مغامرة أمريكية. أن الغزو البرّى لفنزويلا الذى تتصوّر مخيلة «ترامب» وصقور إدارته إمكانية مروره عبر البرازيل وكولومبيا بشاحنات «حصان طروادة» المطلية برائحة الغذاء والدواء أصبح مستحيلاً. وما يدل على تهافت هذه المخيلة هو اعتقادها أن الشعب الفنزويلى الذى تظنّه خائرًا من الجوع، يهب باختراق الحدود لحمل عودة اليانكى الأمريكى على أكتافه مبتهلاً. تستفز أمريكا وحلفاؤها كرامة الشعب فى فنزويلا وأمريكا اللاتينية. فيضع الناقمون على سوء الإدارة والأزمة الاقتصادية غضبهم جانباً، وتستعيد الشعوب اللاتينية ذاكرتها الخصبة ضد جرائم أمريكا وأوروبا التى دوّنها إدواردو جاليانو (1971) فى كتابه «شرايين أمريكا اللاتينية المفتوحة» وبات أيقونة إلى جانب بابلو نيرودا التى حملها هوجو تشافيز هدية إلى باراك أوباما فى أول قمة بين الأمريكيتين الجنوبية والشمالية.

الصليب الأحمر الدولى امتنع عن المشاركة فى هذه المسرحية التى تدعى الإنسانية وابتعدت المنظمات الأخرى عن دخول اللعبة القذرة، خاصة مع العنف الذى رافق عملية إيصال المساعدات. وفى المحصلة أدى ذلك إلى إحراق ورقة المساعدات بين أيدى كولومبيا وإدارة «ترامب»، واحتمال كبير احتراق ورقة «جويدو» الذى جرى تهريبه إلى كولومبيا وبات من الصعب إعادة تهريبه إلى فنزويلا بعد فشل المراهنة على انشقاق الجيش وعلى انفجار الغضب الشعبى ضد مادورو، تحت تأثير ألغام المساعدات الإنسانية. وقد يكون هذا الفشل هو الطريق المفتوح لاعتقال «جويدو» ومحاكمته بمجرد عودته إلى فنزويلا.

ورغم أن مجموعة «ليما» التى تلتقى فى عاصمة كولومبيا برئاسة مايك بنس، تدرس الإجراءات «لإجبار مادورو على مغادرة السلطة. لكنها فى لم تستطع قبول التدخل العسكرى وهو الخيار الذى تلمح إليه إدارة ترامب. لكن هذا الخيار فى التدخل العسكرى الأمريكى، ليس أمامه سوى الاعتماد على الميليشيات العسكرية الكولومبية بمساندة جنرالات الحكم فى البرازيل وبقايا الدكتاتوريات العسكرية السابقة فى تشيلى والأرجنتين.

الغزو العسكرى الأمريكى المكشوف، يقلب المراهنات الأمريكية على أحلام الانقلاب الداخلى وانقسام الجيش والشعب، إلى المراهنة على مواجهة عسكرية بين كولومبيا وفنزويلا. لكن هذه المواجهة لا تقتصر على الجيشين، فبينما تتدخل القوات الخاصة الأمريكية إلى جانب كولومبيا والميليشيات الإجرامية، يدخل الجيش الشعبى الفنزويلى إلى ساحة المواجهة بقوات منظمة تضم حوالى 1,6 مليون متطوّع. وهذه القوات مدعومة بمساعدة كوبية ويمكن أن تنضم إليها مساعدة من نيكاراجوا وبوليفيا ومن قوى شعبية واسعة فى مختلف دول أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبى التى حملت السلاح فى حروب التحرر ضد أمريكا.

أمريكا تحشد فى كولومبيا الدكتاتوريات العسكرية والميليشيات الإجرامية، لكن التدخل العسكرى الأمريكى يستفز كرامة الشعوب اللاتينية المدعومة من روسيا وإيران والصين وتركيا والرأى العام العالمى الرافض للفاشية.

إن الدعوات للتدخل العسكرى الأمريكى فى فنزويلا متنامية وكان آخرها من السيناتور ماركو روبيو؛ وهذا بالطبع كارثى ففنزويلا ليست جرينادا أو بنما اللتين غزتهما الولايات المتحدة فى آخر أيام الحرب الباردة، فهى فى حجم العراق مرتين، وتترنح الآن على حافة الهاوية، وأى غزو يتطلب إعدادات على مستوى مواز، وهو ما يعنى غزواً بقوة يزيد قوامها على 100 ألف جندى. ومن غير المرجح أن يتم الترحيب بالقوات الأمريكية، فأغلبية الفنزويليين، حتى المعارضين، يعارضون غزواً أمريكياً.. وأى وجود عسكرى أمريكى سيؤيد ويخدم فكرة مؤامرات الاستعمار التى يروج لها مادورو علناً. وبالطبع التداعيات السياسية لغزو العراق على الولايات المتحدة عبرة وعظة لأى زعيم منتخب فى أمريكا اللاتينية يفكر فى الإقبال على المشاركة فى خطوة مماثلة.