عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

خارج السطر

لا حقيقة مُطلقة. لا يقين فى عالم افتراضى، مصنوع، مُحدد التوجهات. التكنولوجيا مثلما هى نافعة للمليارات، فهى ضارة. تخدع. تُضلل أتباعها. مَن يضمن خبراً؟.. ومَن يمكن أن يقطع بصحة أمر؟.. فى الحروب والصراعات والسياسة لن تعرف الجانى من الضحية. سيغيب الحق وقد تقف إلى جوار القاتل دون أن تدرى، وتطالب بحقه باعتباره قتيلاً. سطوة المعرفة وتدفق المعلومات يُمكن أن يقودك فى الطريق الخطأ.

تلك ملاحظات وتعليقات مَن يتابعون التكنولوجيا المتطورة حول العالم. روجر ماكنمى أحد مستشارى «فيس بوك» نشر مقالاً فى مجلة «تايم» فضح فيه مارك زوكربرغ مؤسس الـ«فيس بوك» وعالمه الافتراضى، حيث اتهمه باستغلال مشاعر الخوف لدى الناس فى تحقيق أرباح.

«أنا أحب فيس بوك. وكنت مرشداً لهم، لكننى لا أستطيع السكوت على ما يحدث من استغلال» هكذا كتب ماكنمى، مؤكداً أن التطبيق المُجتمعى الذى يجمع الناس فى العالم أجمع يفتح الباب لنشر الكراهية والتمييز فى كثير من البلدان. فضلاً عن الأخبار المزيفة الساعية نحو إثارة الغضب أو الخوف.

ما يقوله مستشار «فيس بوك» المنقلب عليه يُعيد ترتيب خرائط الذهن ليفتح تساؤلات عميقة من عينة: إلى أى مدى يمكن استغلال الفيس بوك وتوظيفه سياسيا؟.. أو أيديولوجياً؟.. أو دينياً؟.. إن مؤسس الشركة -كما يقول ماكنمى- لا يكترث إلا لتحقيق الأرباح وقد يسمح بأمور غير أخلاقية مثل إثارة الخوف والغضب أو نشر الأخبار الكاذبة فى سبيل المكسب. إذن ما يدرينا إن كان موقع التواصل العظيم يقودنا رويداً رويداً نحو ما لا نريد ولا نتمنى أم لا؟

إن زوكربرغ هو رئيس تحرير العالم. ينشر ما يريد، ويمنع ما يريد. يُحدد قيم الحق والخير، ويضع الأطر الخاصة بقيم الشر. له الحق فى نشر صورة وتسويقها وتأكيد صحتها واستخدامها وفق آلية يراها هو ومجلس إدارة مؤسسته العملاقة، وله الحق فى حجبها. ومن خلال تصوره هو ورجاله، فإنه يُحدد مدى أخلاقية أمر ما من عدمه.

مَن الذى يضمن صحة الطرح المتاح على هذا العالم الافتراضى، مع كامل تقديرنا للرجل ولابتكاره العظيم؟

لقد صارت المعرفة نسبية مثلما تحولت كثير من القيم فى بلادنا. ويمكن أن نأخذ مثالاً من واقعة طالبة الأزهر الأخيرة، التى رآها البعض فتاة منحلة خارجة عن الأدب، ورآها آخرون ضحية مُجتمع معقد مصاب بخلل عام.

ما فعله الفيس بوك فينا قد يكون خيراً فى الظاهر، فقد أتاح لنا التواصل مع أصدقاء وأحباء بعيدين بحكم المسافات، وبحكم الانشغال اليومى، وساهم فى تقوية كثير من الروابط الاجتماعية بشكل كبير. لكنه أيضاً كان ساحة استغلال من البعض، ومصدر شائعات قوى، ووسيلة تحريض وتأجيج للغضب، ما يدفعنا إلى ضرورة الانتباه والوعى حتى لا نبقى أمماً تابعة خاضعة راضية تلهث وراء الأمم المتقدمة دون أن تفكر فى منافستها.

الصين نموذج مختلف للعالم النامى الساعى نحو القمة. هناك وضعت الدولة تطبيقاً آخر للتواصل الاجتماعى، وحظرت الفيس بوك. وسعد الناس لأن الحكومة كانت قادرة على طرح البديل.

والله أعلم.

[email protected]