رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

لا شك أن سعى حزب الوفد إلى تشكيل حكومة ظل إنما ينبع من مسئوليته الوطنية تجاه تفعيل ما فى الدستور من تأكيد على حتمية التعددية السياسية والحزبية. وهى خطوة يندفع إليها الوفد بضغط من دوره التاريخى فى حمل لواء الحياة السياسية.

غير أن خطوة الوفد محفوفة بالمخاطر، قدر ما تتيحه من فرص واعدة لحزب الوفد، بموجبها قد يسترد موقعه الأثير فى الشارع المصرى، بعد أن غابت الأحزاب طويلاً، بفعل فاعل، عن التواجد الحقيقى بين صفوف الجماهير.

ذلك أن إخفاقاً يلحق بخطوة الوفد يرتد بالأحزاب كافة إلى الخلف كثيراً. لاحظ أن أحزاباً أخرى اتجهت إلى نفس الخطوة، وشكلت ما أسمته «حكومة ظل»، دون أن يكون لديها ما يمكن أن تخسره. فليس لها تاريخ يمكن أن ينتقص منه فشلها فى التعبير بصدق عن مفهوم «حكومة الظل» كما عرفته الأنظمة السياسية الديمقراطية. مثلما هى تفتقد الآمال المعلقة فى عنق الوفد، والتى لا تجد متنفساً حقيقياً إلا داخل بيت الأمة، مهما طال هذا البيت العريق من أزمات أو اختلافات.

من هنا، ومن تاريخ طويل يمتد إلى عشرات السنين قضيتها بين جدران بيت الأمة، مكتسباً تقاليد وثوابت الكثير من الرموز الوفدية والوطنية؛ فإن لى أن أُبدى الملاحظات التالية:

لدى قناعة أكيدة بأن التاريخ المُشرف لـ«الوفد»، لا يكفى أبداً لضمان نجاح خطوة مثل تشكيل «حكومة ظل» الوفد. وعليه، ليس إلا جهداً كبيراً يبذله كل وفدى، وشعوراً وطنياً يرتفع فوق الصغائر والضغائن، وآمالا مخلصة أمينة تتعلق بتحقيق المصلحة الوطنية. الأمر الذى تتوارى خلفه مصالح ذاتية لطالما عرقلت مسيرة الوفد، فتراجعت معها وضعية الأحزاب كافة بين صفوف الرأى العام.  

من الضرورى أن تخرج «حكومة الظل» عن أى صراع على المواقع العليا بالحزب؛ ومن ثم لا ينبغى أن تندرج ضمن الملفات الساخنة التى تذخر بها الحياة الحزبية بشكل عام. إذ أن نجاح «حكومة الظل» الوفدية لا يمكن أن يستند إلى جهد أعضائها فحسب، دون مساندة من مجمل مكونات حزب الوفد، بمؤسساته، ورموزه، وكوادره، أينما كانت مواقعهم من الوفد حالياً. بل أزعم أن نجاح «حكومة ظل» الوفد سيسهم كثيراً فى حل الكثير من الاختلافات فى الرؤى داخل الحزب؛ إذ سيلتف الجميع حول «مولودهم»، يدفعونه إلى مستقبل واعد يمكن أن يُعيد الوفد إلى السلطة بإرادة شعبية حرة لطالما كان الوفد ضميرها الحي.

مهم أيضاً أن يأخذ الوفد الأمر على محمل الجد. إذ لابد من الرضوخ لمقتضيات العمل الديمقراطى التى تتأسس عليها قيم وثوابت الوفد. وعلى هذا النحو ينبغى أن نتيح لرئيس «حكومة ظل» الوفد الحرية الكاملة فى تشكيل حكومته، مع ضرورة حصولها على ثقة الهيئة العليا للحزب كممثل شرعى لجموع الوفديين. ثم تخضع الحكومة الوفدية لرقابة مؤسسات الحزب. وتقدم تقاريرها المختلفة بصورة دورية لتتحقق المتابعة أولاً بأول.

بداهة فإن على «حكومة ظل» الوفد أن تضع برنامجاً طموحاً، لا يخلو من الموضوعية، ولا تنقصه الدراسات المتأنية الدقيقة القادرة على منافسة حكومة الدكتور مصطفى مدبولي؛ وذلك من خلال طرح برامج ومبادرات وسياسات بديلة، تستند إلى ثوابت ومبادئ الوفد، وتتفق وما يحيط بالوطن من تحديات ومخاطر. وهنا تبرز أهمية تفعيل معهد الدراسات السياسية بالحزب ليحقق الهدف منه.

أجد لزاماً على «حكومة ظل» الوفد أن تبتعد عن المزايدة على حكومة الدكتور مصطفى مدبولى، ولا تجد فى تصيد أخطائها مغنماً، ولا تسعى أبداً إلى تسوية حسابات، أو تصفية تراكمات؛ إذ لطالما عانى الوفد جراء محاولات الانتقاص من دوره. وهو أمر لا دخل للنظام الحالى فيه، ولا يجب محاسبته عليه. بل يجمعنا بحكومة الدكتور مصطفى مدبولى مسئولية وطنية ضخمة، هى فقط القادرة على دعم الدولة بشكل صحيح.

داخلياً، أرى أهمية كبيرة لتواصل «حكومة ظل الوفد» بكافة مؤسسات الحزب، وفروعه فى المحافظات، وكذلك بالهيئة البرلمانية للحزب. والحال نفسه مع القيادات المحلية بعد إجراء الانتخابات المحلية المقبلة بإذن الله. ففى ذلك كله ضمانة حقيقية لعدم تغريد «حكومة الظل» بعيداً عن مطالب الشعب واحتياجاته.

لابد من وجود آلية حقيقية وفعالة للتواصل مع حكومة الدكتور مصطفى مدبولى، بشكل دورى، وبصورة يسيرة تضمن تفاعلاً حقيقياً يؤدى إلى تحقيق مفهوم «حكومة الظل». وفى السياق نفسه، تأتى أهمية التأكيد على حرية تداول المعلومات، التى بدونها تكون «حكومة الظل» لا معنى لها ولا طائل من ورائها.

يبقى أن نؤكد أن «حكومة ظل» الوفد لابد أن تكون معنية بتأهيل كوادر وفدية قادرة على تحمل المسئولية، وقيادة الوطن؛ إذا ما تحقق حلم الوفديين فى أغلبية برلمانية تتيح لهم استعادة الوفد لموقعه فى قيادة الحياة السياسية والحزبية.   

  وإلى الأسبوع المقبل بإذن الله، نُفصل فى الآفاق المتاحة أمام «حكومة الظل» الوفدية، وما يمكن أن تقدمه للوطن أولاً، وللحياة الحزبية، والسياسية عامة، ولـ«الوفد» خاصة.