عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رؤية

 

 

بمناسبة الحديث الدائم والمتداول دوما هذه الأيام حول أهمية تجديد الخطاب الدينى، تجدر الإشارة أنه على الجانب المسيحى، فإن السيد المسيح قد أحدث وقاد ثورة للتغيير والإصلاح‏ عند الدعوة لاتباع تعاليم المسيحية، ثورة فى التفكير والتدبير‏،‏ وفى إرساء المفاهيم السليمة للقيم والمبادئ ينبغى التذكير بمضمونها والرجوع إلى أروع ملامحها عند الحديث عن تطوير الخطاب الدينى المسيحى الحالى.

فى هذا الصدد يذكر قداسة البابا شنودة الثالث فى إحدى عظاته أن السيد المسيح كان وديعًا‏،‏ وكان أيضًا شجاعًا‏، يستخدم الوداعة حين تحسن الوداعة‏،‏ ويستخدم الشجاعة حين تلزم الشجاعة‏، وقيل عنه إنه لا يخاصم ولا يصيح‏،‏ ولا يسمع أحد فى الشوارع صوته‏.‏ قصبة مرضوضة لا يقصف‏،‏ وفتيلة مدخنة لا يطفئ‏.. (مت ‏12:20،19).‏ ولكنه كان جريئًا فى الحق‏،‏ لا يجامل فيه أحدًا‏.‏ يقف إلى جوار الحق والقدسية بكل قوة فى هيبة واقتدار‏.‏ لما وجد اليهود لا يتصرفون بما يليق بكرامة الهيكل‏،‏ قام بتطهير الهيكل بكل حزم‏، أخرج كل الذين كانوا يبيعون فيه ويشترون‏،‏ وقلب موائد الصيارفة وكراسى باعة الحمام‏، وقال لهم مكتوب بيتى بيت الصلاة يدعى وأنتم جعلتموه مغارة لصوص ‏(‏مت‏21:13،12)،‏ ولما وجد قادة الدين فى أيامه من الكتية والفريسيين يحملون الناس فى تعليمهم أحمالًا عسرة الحمل‏،‏ انتهرهم وقال لهم‏:‏ الويل لكم أيها الكتية والفريسيون المراءون‏.‏ لأنكم تغلقون ملكوت السماوات قدام الناس‏،‏ فلا دخلتم أنتم ولا جعلتم الداخلين يدخلون ‏(‏مت‏23:13).‏ كان ضد القادة المدنيين‏، ومع الشعب وفى محبته للشعب تحنن عليهم‏،‏ إذ كانوا منزعجين ومنطرحين كغنم لاراعى لها ‏(‏مت‏9:36).‏ وفى شجاعة وبخ قادتهم قائلًا لهم تطوفون البر والبحر لتكسبوا دخيلًا واحدًا‏.‏ ومتى حصل تجعلونه ابنًا لجهنم أكثر منكم مضاعفًا‏.‏ الويل لكم أيها القادة العميان ‏(‏مت‏23:16،15)‏ كان يختلف معهم فى كثير من المفاهيم‏.‏ ومنها تعريف معنى القريب قال فى عظته على الجبل سمعتم أنه قيل‏:‏ تحب قريبك وتبغض عدوك ‏(‏مت‏5:43)‏ وكانوا يرون أن القريب الذى تجب محبته‏،‏ هو اليهودى الذى من جنسهم‏.‏ أما الباقون فهم غرباء أو أعداء‏.‏ فشرح لهم معنى القريب فى مثل «السامرى الصالح» الذى اعتنى بجريح ليس من جنسه‏،‏ كان اللصوص قد ألقوه على الطريق بين حى وميت‏.‏ فعمل معه عمل خير وأنقذه وعالجه‏ (‏لو‏10:34،33).‏ وأراهم أن القريب هو كل أخ لنا فى الإنسانية مهما يكن جنسه أو دينه وبين لهم أن أولئك السامريين الذين كان اليهود يحتقرونهم ولا يتعاملون معهم‏،‏ كانوا أرق منهم قلبًا وأقرب منهم إلى الخير‏.‏ وأكد لهم تلك الحقيقة فى قبوله لأهل السامرة وإيمانهم به‏ (‏يو‏4:42،41).‏ وقال عبارته الخالدة أحبوا أعداءكم‏،‏ باركوا لاعنيكم‏،‏ أحسنوا إلى مبغضيكم‏،‏ وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم ‏(مت‏5:44)‏ إن عدونا الحقيقى الوحيد هو الشيطان وأعوانه‏.‏

فى هذا الإطار أرى أهمية ما قاله نيافة الأنبا موسى أسقف الشباب فى ضرورة التغيير من وجهة نظر المسيحية.. قال «إن يكون التغيير شاملاً للكيان الإنسانى كله وقادرًا على الاستمرار حتى إلى الخلود».

ما قيمة تغيير يصيب الجسد والمادة والزمن فقط، ولا يقود إلى تغيير الفكر والنفس والروح.. ويقود إلى حياة أبدية؟! من هنا جاء السيد المسيح بشعار أفضل وأكمل وأشمل.. لخصه لنا بولس الرسول بقوله «تغيروا عن شكلكم بتجديد أذهانكم».. ويبقى السؤال: متى تتوفر لنا إرادة التغيير لدى المواطن والحاكم وعناصر حكوماته؟!

 

[email protected]