عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

كلمة عدل

ما زال الحديث مستمراً عن الفلاسفة الذين غيروا وجه التاريخ، ومن هؤلاء الفيلسوف الفارابى، وهو أبونصر محمد الفارابى، ولد عام 874م فى فاراب فى إقليم تركستان «كازاخستان حالياً»، وتوفى عام 950م، فيلسوف مسلم اشتهر بإتقان العلوم الحكمية. وكانت له قوة فى صناعة الطب.

ولد الفارابى فى مدينة فاراب، ولهذا اشتهر باسمه، نسبة إلى المدينة التى عاش فيها، كان أبوه قائد جيش، وكان ببغداد مدة ثم انتقل إلى سوريا، وتجول بين البلدان، وعاد إلى مدينة دمشق، واستقر بها إلى حين وفاته، يعود الفضل إليه فى إدخال مفهوم الفراغ، إلى علم الفيزياء، تأثر به كل من ابن سيناء وابن رشد.

 تنقل فى أنحاء البلاد وفى سوريا، قصد حلب وأقام فى بلاط سيف الدولة الحمدانى فترة، ثم ذهب إلى دمشق، وأقام فيها حتى وفاته عن عمر يناهز 80 عاماً ودفن فى دمشق، ووضع عدة مصنفات وكان أشهرها كتاباً حصر فيه أنواع وأصناف العلوم، ويحمل هذا الكتاب اسم «إحصاء العلوم».

 سمى الفارابى «المعلم الثانى» نسبة للمعلم الأول أرسطو والإطلاق بسبب اهتمامه بالمنطق؛ لأن الفارابى هو شارح مؤلفات أرسطو المنطقية.

وعكف فى مسقط رأسه على دراسة طائفة من مواد العلوم والرياضيات والآداب والفلسفة واللغات، وعلى الأخص التركية هى لغته الأصلية بجانب معرفته للغات العربية والفارسية واليونانية، ثم خرج من بلده وهو يومئذ  يناهز الخمسين، قاصداً العراق، حيث أتم دراساته، فيما بدأ فيه فى مسقط رأسه وأضاف إليه مواد أخرى كثيرة، فدرس فى حرّان، الفلسفة والمنطق والطب على يد الطبيب المنطقى المسيحى يوحنا بن حيلان، ودرس فى بغداد الفلسفة والمنطق على يد أبى بشر متى بن يونس، وهو مسيحى كان حينئذ من أشهر مترجمى الكتب اليونانية، ومن أشهر الباحثين فى المنطق، ودرس فى بغداد كذلك العلوم اللسانية العربية على يد ابن السراج، وأتيح له فيها أيضاً دراسة الموسيقى وإتمام دراساته فى اللغات والطب والعلوم والرياضيات، ولا غرابة أن يتتلمذ فى هذه السن المتقدمة، فقد كان دأب العلماء فى هذه العصور، يطلبون العلم من المهد إلى اللحد، كان الفارابى مولعاً بالأسفار فى طلب العلم ونشره والإحاطة بشئون الجماعات، فانتقل من العراق إلى الشام حوالى سنة 330هـ حيث اتصل بسيف الدولة بن مدان الذى عرف له فضله، وأكرم وفادته، وعاش فى كنفه منقطعاً إلى التعليم والتأليف، وكان فى أثناء إقامته بالشام يتنقل بين مدنها وخاصة بين حلب، عاصمة الحمدانيين، ودمشق التى كانت فى حوزتهم تارة وتخرج أخرى، وقد سافر مرة من الشام إلى مصر، وكان ذلك على الراجح سنة 338هـ ثم رجع منها إلى دمشق حيث توفى سنة 339.

ويرى محسن مهدى، أستاذ الفلسفة، أن الفارابى آثر حياة الزهد والتقشف فلم يتزوج، ولم يقتن مالاً، ولم يشأ أن يتناول من سيف الدولة إلا أربعة دراهم فى اليوم، كما يذكر كثير من الرواة، ينفقها فيما احتاج إليه من ضرورى العيش، وقد اكتفى بذلك قناعة منه، وكان فى استطاعته وهو الأثير عند الملك الجواد سيف الدولة بن حمدان أن يكتنز الذهب والفضة ويقتنى الضياع، ويروى أنه قد بلغ به التقشف أنه كان يسهر الليل للمطالعة والتصنيف مستضيئاً بقنديل الحارس؛ لأنه لم يكن يملك قنديلاً خاصاً، وأنه قد بقى على ذلك أمداً طويلاً.

وكان يؤثر العزلة والوحدة ليخلو إلى التأمل والتفكير، وكان طول مدة إقامته بدمشق، كما يقول ابن خلكان فى «وفيات الأعيان» يقضى معظم أوقاته فى البساتين وعلى شواطئ الأنهار، فلا يكون إلا عند مشتبك رياض، حيث يؤلف بحوثه ويقصد إليه تلاميذه ومساعدوه.

وللحديث بقية

رئيس حزب الوفد