رؤى
المهندس عمرو نصار وزير التجارة والصناعة لم يوضح أسباب هروب المستثمر الأجنبي من البلاد، رمى الجملة فى لقاء تلفزيوني مع الإعلامي أسامة كمال، ولم يتوقف أمامها كثيرا، قال بالنص: «المستثمر يأتى ويلف ويرجع مرة أخرى».
هذه الجملة فى غاية الخطورة، ولا يصح أبدا أن ترمى هكذا فى وسائل الإعلام دون توضيح الأسباب، جملة الوزير اختزلت الوضع فى كلمتين، أسامة كمال مع أنه يتدخل كثيرا ويتسرع بإجابات، ويخرج ضيفه عن الموضوع، لف ورجع للجملة:
ــ تقصد إيه حضرتك بأن المستثمر بيلف ويرجع؟.
المدهش فى آن واحد أن الإجابة كانت مشتركة بين الوزير والإعلامي، كلمة من أسامة، على كلمة من الوزير، والمضحك أنهما الوزير والإعلامي حملا الشعب والموظفين مسئولية هروب المستثمر، أو حسب صياغة الوزير:لف المستثمر ورجوعه، بدون الدخول فى تفاصيل، وبدون شرح وتوضيح قال الوزير بالاشتراك مع كمال:« الموظفون، ثقافة الشعب» وأظنهما ذكرا: «الروتين»، ثم انتقلا بالحديث إلى موضوع آخر.
هروب المستثمر الأجنبي يعنى بالضرورة فشل الحكومة فى تهيئة المناخ أو البيئة المناسبة للاستثمار، وبيئة الاستثمار، كما هو معلوم بالضرورة للجميع، تتمثل فى قوانين مناسبة وشفافة، مرافق: كهرباء، مياه، صرف صحى، طرق، طاقة، وتشمل كذلك: ضرائب، مواد خام، معاملات بنكية، جمارك، عمالة.. إلخ، كل ما يعين المستثمر على إقامة مشروعه، ويسهل له فيما بعد عملية البيع والتصدير.
الوزير قال: إن المستثمر يأتى، ويعاين، ويسمع، ثم: يلف ويرجع، لماذا؟، هل لأن المشروعات المتاحة لا تناسبه؟، هل لأن ثمن الأرض أغلى مما يتناسب والمشروع؟، هل الخدمات والمرافق المتاحة تباع له بأسعار تقلل من أرباحه؟، هل اكتشف أن عملية الشباك الواحد مجرد كلام وهمى؟، هل فوجئ بقانون استثمار غير شفاف؟، هل طلب منه تسديد عمولة أو رشوة لتسهيل إجراءات مشروعه؟.
للأسف الشديد جملة: «المستثمر بيلف ويرجع»، فى غاية الخطورة، وتحتمل جميع المعانى، ويمكن تحميلها، وتأويلها، ومدها، وطيها، وجرها، ورفعها فى أى اتجاه، وإلى أى مسئول فى الحكومة.
تحميل الوزير للموظف ولثقافة الشعب مسئولية هروب المستثمر أو لففانه ورجوعه، مرفوض، وغير مقبول، لأنه ببساطة غير منطقى، التأويل المناسب لجملة الوزير هو اتهام الحكومة بالضعف والدولة بالهشاشة، وأن النظام يتعمد عرقلة الاستثمار، أو عدم قدرة الحكومة على تهيئة مناخ مناسب للمستثمر.
الوزير عمرو نصار بعيدا عن الشعب وثقافته، مطالب بأن يوضح لنا معنى جملة:«المستثمر بيلف ويرجع»؟.