رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

حكاية وطن

هدأت الأزمة فى فرنسا بعد أسبوع ساخن، بين اشتعال الغضب واحتوائه وقعت أحداث عنيفة، لم تهدد الحكومة الفرنسية فقط، ولكنها امتدت إلى الدولة بالكامل وإلى جيرانها الأوروبيين، البعض كان يريد إلباسها لباس السياسة، ويرجعها إلى دعوة ماكرون لتشكيل جيش أوروبى، والبعض أرجع المظاهرات التى أوقفت الحياة فى أعرق دولة أوروبية ديمقراطية إلى رغبة الفرنسيين فى التخلص من الحاكم الشاب ماكرون.

الأزمة طرفها الرئيسى ماكرون ورئيس وزرائه إدوار فيليب ووزير المالية برونو لومارى فى مواجهة حركة السترات الصفراء، وهم من مختلف الأعمار والمهن، وانضم إليهم عمال الإسعاف، وقادوا المظاهرات ضد رفع الضرائب على الوقود، وتدنى الأحوال المعيشية، وتسببت الأزمة فى شلل مرورى، وإغلاق مستودعات الوقود، ونهب قوس النصر الذى يعتبر من أبرز الرموز الوطنية فى فرنسا، وتدمير ميدان الكونكورد بشارع الشانزليزيه وتأثر الاقتصاد الفرنسى بعد تراجع حركتى البيع والشراء، وهربت السياحة، وأضرم المتظاهرون النيران فى المبانى، وأحرقوا مئات السيارات، وردت الشرطة الفرنسية، باعتقال عدة مئات، ولقى بعض المتظاهرين مصرعهم.

واعتبرت السلطة الفرنسية أن أعمال العنف موجهة ضد قيادات السلطة، وأملاك الدولة التى تعتبر من المنفعة العامة، وهى جرائم فى القانون الفرنسى يعاقب عليها بالسجن.

وردت الحكومة على المتظاهرين بعد تهدئة الأجواء بأن الهدف من محاولة رفع الضرائب هو جزء من مسعى «ماكرون» لمحاربة تغيير المناخ، ويريد إقناع السائقين بالاستغناء عن السيارات التى تعمل بالديزل والإقبال على أنواع أقل تلوثًا، وقرر رئيس الوزراء بعد لقاءات مع زعماء الأحزاب وتدخلات من البرلمان تعليق الضرائب على الوقود ستة أشهر، وتعهد بعدم رفع أسعار الكهرباء والغاز خلال فصل الشتاء، وقال للمتظاهرين إن الحكومة لا تقبل العنف، وتم تكليف وزير المالية بإعداد دراسة عن تأثير المظاهرات التى استمرت عدة أيام على الاقتصاد الفرنسى، وسجلت أضرار قوس النصر بمفرده خسارة مبدئية حوالى مليون يورو.

هذه المظاهرات لم تشهدها فرنسا منذ عام 1968، وهى تعتبر أسوأ اضطرابات حدثت منذ قرابة 50 عامًا، وهزت عرش ماكرون عندما طالبه المتظاهرون بالرحيل.. ونادوا عليه: ارحل.

الذى أريد أن أعلق عليه بعد متابعتى لأحداث عاصمة النور، هو أن الأزمة بدأت وانتهت وحدث ما حدث من عنف من الطرفين، المتظاهرين والشرطة الفرنسية، ولم نسمع حسا ولا خبرا لدكاكين حقوق الإنسان فى العالم، هؤلاء المرتزقة الذين يعيشون على الرشاوى لإعداد تقارير حسب الطلب، لم نشاهد «دكانا» منهم تحدث عما يدور فى بلد النور، لا بالسلب ولا بالإيجاب. هل هم راضون عن الأحداث وطريقة التعامل معها، هل هم مع المتظاهرين أم مع الدولة؟، لم يقل أحد مثلا إن الشرطة الفرنسية قمعت المتظاهرين، وقتلت ، واعتقلت، وعذبت، وسحلت، ولم تقل إن فصائل من الشعب الفرنسى تعانى من ضيق المعيشة، ولم تقل إن الجهاز الفلانى كان «غلس» ولا كان دمه خفيفا.

نحن مع استقرار فرنسا الدولة الصديقة، ومع حقوق الشعب الفرنسى، فنحن ندعو للسلام والاستقرار فى كل ربوع الأرض، ونرفض العنف، والتجاوز، ونطبق القانون ونؤمن بأن الواجبات يقابلها حقوق، ونحترم الرأى والرأى الآخر، ونقدس الحياة، لكن مش محظوظين مع دكاكين حقوق الإنسان على المستويات المحلية والعالمية.