عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

كلمة عدل

 

ما زال الحديث مستمراً حول الفيلسوف سقراط، وعلى الأرجح تتمثل أكثر إسهامات «سقراط» أهمية فى الفكر الغربى فى منهج الجدل والتداول القائم عن طريق الحوار، وهو المنهج المعروف، أيضاً، بالسقراطى أو «أسلوب إلينخوس» (والتى تعنى مجادلة). وقد قام «سقراط» بتطبيق هذا المنهج فى دراسة مفاهيم أخلاقية أساسية مثل الخير والعدالة.

 وكان أفلاطون أول من وصف المنهج السقراطى فى «الحوارات السقراطية». فلحل مشكلة ما، قد يتم تحليلها إلى مجموعة من الأسئلة والتى تعمل إجاباتها تدريجياً على الوصول إلى الحل المنشود.

 ويتجلى تأثير هذا المنهج بشدة اليوم فى استخدام المنهج العلمى الذى لا تكون مرحلة الافتراض أول مراحله. ويعد تطوير هذا المنهج وتوظيفه من أبرز الإسهامات المستمرة لـ«سقراط»، كما أنهما شكلا عاملاً رئيسياً فى ارتداء «سقراط» عباءة مؤسس الفلسفة السياسية أو علم الأخلاق أو الفلسفة الأخلاقية، وفى تميزه كأبرز الشخصيات فى كل الموضوعات الرئيسية المتعلقة بالفلسفة الغربية.

 لتوضيح استخدام المنهج السقراطى، تم طرح مجموعة من الأسئلة لمساعدة شخص أو مجموعة من الأشخاص على تحديد معتقداتهم الأساسية ومدى معارفهم.

 والمنهج السقراطى هو منهج سلبى قائم على التخلص من الافتراضات، والذى يكون بالعثور على الافتراضات الجيدة عن طريق تحديد الافتراضات غير الجيدة والتى تؤدى إلى التناقضات ثم التخلص منها. وقد تم تصميم هذا المنهج بحيث يجبر المرء على مراجعة معتقداته وتحديد مدى صحتها.

 وفى الواقع، قال «سقراط» ذات مرة: «أعرف أنكم لن تصدقونى ولكن أبرز صور التفوق الإنسانى هى مساءلة الذات ومساءلة الآخرين».

ومن الصعب تمييز معتقدات «سقراط» عند فصلها عن معتقدات «أفلاطون». فليس لدى الاستدلال المادى الكثير الذى يمكن به التمييز بين معتقدات هذين الفيلسوفين. فإن «أفلاطون» هو من وضع النظريات المطولة الواردة فى معظم حواراته وبعض العلماء يعتقدون أن «أفلاطون» انتهج الأسلوب السقراطى بشدة لدرجة جعلت من المستحيل التمييز بين الشخصية الأدبية والفيلسوف نفسه.

وجادل آخرون بأن لـ«أفلاطون» نظريات ومعتقدات خاصة به، ولكن أثير جدل كبير حول ماهية هذه النظريات والمعتقدات؛ بسبب صعوبة فصل معتقدات «سقراط» عن معتقدات «أفلاطون» وصعوبة تفسير حتى الكتابات الدرامية المتعلقة بـ«سقراط». لذا، ليس من السهل التمييز بين المعتقدات الفلسفية الخاصة بـ«سقراط» عن تلك التى انتهجها «أفلاطون» و«زينوفون».

ولا بد أن نتذكر أن ما قد يتم نسبه لـ«سقراط» قد يعكس عن كثب الاهتمامات المحددة لهذين المفكرين. وما يزيد الأمر تعقيداً هو حقيقة أن شخصية «سقراط» التاريخية اشتهرت على نحو سلبى بطرحها للأسئلة دون الإجابة عنها، مدعين بذلك أنها تفتقر إلى الحكمة فى الموضوعات التى تطرح على الآخرين أسئلة بشأنها.

 بصفة عامة، إذا كان هناك ما يمكن ذكره عن المعتقدات الفلسفية لـ«سقراط»، فهو أنها كانت تتعارض أخلاقياً وفكرياً وسياسياً مع رفقائه الأثينيين. فحينما كانت تتم محاكمته لإدانته بالهرطقة وتخريب عقول شباب «أثينا»، استخدم «سقراط» منهجه السقراطى أو ما يعرف بأسلوب «إلينخوس» لكى يشرح لأعضاء هيئة المحلفين أن قيمهم الأخلاقية معتمدة على أفكار غير صحيحة. لقد أخبرهم أنه فى الوقت الذى من المفترض أن يهتموا بنقاء أرواحهم، كانوا يبدون الاهتمام فقط بعائلاتهم وأعمالهم ومسئولياتهم السياسية. ولقد بدا أن اعتقاد «سقراط» بافتقار نفوس الأثينيين للأخلاقية واقتناعه بأن الآلهة قد اختارته كرسول سماوى كانا مصدر إزعاج للأثينيين - إن لم يثيرا سخريتهم.

كما اعترض «سقراط» على المذهب السوفسطائى بأن الفضيلة يمكن تعليمها للآخرين. لقد أحب أن يلاحظ أن الآباء الناجحين (مثل الجنرال العسكرى البارز «بريكليز») لا ينجبون أبناء يماثلونهم فى المهارة والتفوق.

 وجادل «سقراط» بأن التفوق الأخلاقى يعد بمثابة شيء فطرى وليس مرتبطاً بالرعاية التى يوفرها الوالدان لأبنائهما. وقد يكون هذا الاعتقاد هو الذى ساهم فى عدم شعور «سقراط» بالقلق تجاه مستقبل أبنائه. كثيراً ما ذكر «سقراط» أن أفكاره ليست من نسجه وإنما من نسج معلميه.

ولقد ذكر «سقراط» عدة أشخاص كان قد تأثر بهم ومنهم «بروديكوس» مدرس علم البيان والعالم «أناكسوجوراس». وما قد يثير الدهشة هو أن «سقراط» ذكر أنه قد تأثر بشدة بسيدتين إلى جانب تأثره بوالدته، فقد قال إن «ديوتيما» الساحرة والكاهنة فى مدينة «مانتينى» قد علمته كل ما يعرفه عن الحب، كما علمته «آسبازيا» – وهى معلمة الجنرال العسكرى «بريكليز» – علم البلاغة.

.. وللحديث بقية

رئيس حزب الوفد