عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

دقت على صدرها فى هلع وبدأت تنتحب وكأنها ضبطته مرتكبا الجرم العظيم: هى دى آخرة تربيتى وصبرى وكفيتى عليك إنت وأخوك بعد ما أبوك سابنا ورماكم وأنتم لسه لحمه حمرا، أنا مش موافقة ولو عملتها لا أنت ابنى ولا أعرفك».

أسقط فى يد الشباب العصامى الناجح الذى صنع بجهده اسما مرموقا فى عالم المحاسبة، وافتتح مع مجموعة من أقرانه مكتبا له اسمه، منذ وعى للدنيا وكل همه إرضاء أمه بعد ربه، وهى لم تتوقف أبدا عن تذكيره وشقيقه بما فعله أبوهما بها حين أحب أخرى وطلقها، ليظل وأخوه طوقا فى عنقها وحدها، ولم يعد يعرف عن أخبار والده شيئا سوى يوم قيل إنه مات، شعور خفيف بالذنب يربطه دوما بأمه أكثر من شعوره بالبر لها، فقد رفضت الزواج بآخر حتى لا تجلب لهما زوج أم رغم ضغوط أهلها، وانقطعت لتربيتهما، وهذه المرة الأولى فى حياته يشعر أنه خرج عن طوعها، ها هو مهدد بغضبها عليه، كل ذنبه أنه أحب شابة مطلقة لديها طفل، ويرغب فى الزواج منها، فكان الطوفان الذى يهدد علاقته بأمه الرافضة الفكرة من أصلها.

ترى أمه أنه يستحق الأفضل.. البكر الجميلة، فلماذا يتزوج من «مخلفات رجل آخر» وفقا لها، فشل فى إقناعها، «يا أمى المطلقة ليست مجرمة أو ساقطة، كثيرات هن مظلومات وضحايا لرجال «مفترين»، يا أمى أنا أعرف ظروف طلاقها، إنها ضحية مثلك، فهل مطلوب من المطلقات اعتزال الحياة والموت على الفشل، يا أمى لو كانت ابنتك، ألن تتمنى لو انصلح حظها، وجاءها زوج يعوضها، زوج ابن حلال..

للأسف ينظر مجتمعنا نظرة سلبية للمطلقة، مهما كانت ظروف طلاقها، رغم كون المرأة الحلقة الأضعف غالبا في أى صراع زوجي، يفرض عليها المجتمع نوعاً من المعاناة النفسية وقيودا بدءا من أسرتها نفسها وإخوتها، حتى صديقاتها يعاملونها بعد الطلاق بخوف على رجالهن وبكثير من الحذر، يضعها الجميع تحت المراقبة، مما يدفعها للانعزالية والتقوقع بعيدا عن الاندماج الطبيعى حتى لا يلوكوا سيرتها ولا يلوثوا شرفها بالباطل، مما يزيدها شعورا بالوحدة، مجتمعاتنا لا توجه أى إدانة للرجل المطلق، ويوجه كل رصاص الاتهام إلى المرأة ، ليترسخ لديها شعور بأن طلاقها هو نهاية العالم، لا يساعدها المجتمع ولا حتى محيط أسرتها على تجاوز الأزمة، وبأن تجربة فاشلة لا تعني باقى حياة تعيسة، وعلى النقيض يتقبل مجتمعنا زواج الرجل المطلق من أى فتاة بكر صغيرة، بينما يحاصره الرفض إذا ما رغب فى الزواج من مطلقة.

بجانب الظلم والتحدى الكبير الذى تواجهه المطلقة في الحصول على حقوقها وحقوق أطفالها -إن وجد أطفالا- يتخلى عنها أقرب الأقربين، وتقع بمفردها تبحث عمن ينصفها، وتظلم حتى من غيرها من النساء، من أم ترفض اقتران ابنها من مطلقة، وصديقة تبتعد عن صديقتها المطلقة خوفا على زوجها، وقس على هذا، رغم المدخلات الثقافية والةنفتاح الحضارى والتقنى، لا تزال نظرتنا كمجتمع شرقى قاصرة تجاه قضايا حساسة تمس المرأة خاصة المطلقة، الأرملة قد تجد عطفا وتعاونا لا تجده المطلقة أبدا.

 مطلوب ثقافة تنويرية تبصر المجتمع بأن المطلقات لسن ساقطات، ولا طالبات خراب للبيوت، مطلوب وبجدية إدخال مادة التربية السلوكية والحقوق الزوجية في المناهج الدراسية بدءا من مراحل الدراسة الإعدادية، مادة توعية لمنح المرأة حقها الاجتماعي والثقافي، والتأكيد على حقوقها المالية والقانونية، مطلوب إنشاء لجان ومؤسسات للإرشاد الأسري وإصلاح ذات البين بعيدا عن المحاكم وحبال التقاضى الطويلة، مطلوب وبشكل إجبارى عمل دورات توعية وتثقيفية لكل عروسين مقبلين على الزواج لتوعية كل طرف بواجباته ومسئولياته داخل الأسرة الجديدة، وتعريف كل طرف بحقوقه وكيفية المطالبة بها وطرق تحقيقها.. وللحديث بقية

 

[email protected]