عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تلقيت دعوة كريمة من الحبر الجليل نيافة الأنبا إرميا، الأسقف العام، رئيس المركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي، الأمين المساعد لبيت العائلة المصرية، لحضور احتفالية يقيمها المركز بمناسبة مرور عشر سنوات على إنشائه. وبالطبع لم أتردد في قبول الدعوة لعدة أسباب:

أولها: أن نيافته شخصية وطنية خالصة تعشق تراب مصر، لم أره يومًا يفرق بين أبناء الأمة، ولديه عقلية علمية مرتبة، ولِمَ لا وقد درس علم الصيدلة وتخرج فى الجامعة صيدليًا. ولا أبالغ فيما سأقصه عليكم:

فذات يوم وكنا في ملتقى ثقافي عام بالمركز، فإذا بجمع من إخوتنا المسيحيين تجمع حوله وتكلموا معه قائلين فيما معناه نود منك أن تراعينا زي ما بتراعي إخوتنا المسلمين؟ فسمعت إجابته عن غير قصد وهو يقول لهم: لن أنظم أي شيء إلا وإخوتنا المسلمين معنا خطوة بخطوة زي ما تعودنا في بيت العيلة المصرية.

وإذ به يناديني، فأسرعت إليه. فقال لي: ما رأيك يا د. طارق في الكلام ده؟ قلت له: في ماذا؟ قال: أنا عاهدت نفسي إني ماعملش أي حاجة إلا وإخواتنا المسلمين معي في كل شيء. ابتسمت وقلت له: ليس جديدًا على نيافتكم...انتهى الحوار وبقي المعنى.

ثانيًا: هناك حالة حراك ثقافي وأدبي وعلمي متواصلة تتسم بالعمق والوقار شاهدتها داخل هذا المركز، وبهدوء وبدون جلبة، مع وجود شخصيات وقامات كبيرة تدعي لكل احتفال من المصريين كافة، مسلمًا كان أم مسيحيًا.

ثالثًا: سمة الوفاء التي ألمسها دومًا كلما دعيت إلى هناك، فكثير من الفعاليات عمدت إلى تكريم رموز العمل الوطني والشخصيات العامة، وحسبي أن بعض هذه الشخصيات كان حري بوزارات بعينها أن تقوم بتكريمها. فمثلما أقام نيافته حفل شكر وتقدير لأطباء مستشفى الدمرداش وعلى رأسهم الجراح الكبير أ.د. عبدالوهاب عزت رئيس جامعة عين شمس، وأ.د. محمود المتيني، عميد طب عين شمس، وغيرهما على ما قدموه من واجب وطني تجاه مصابي حادث البطرسية والوقوف بأنفسهم داخل غرف العمليات بمستشفى الدمرداش لسرعة إنقاذ الجرحى، أقام المركز أيضًا حفلًا لتكريم الدكتور فريد حبيب صليب وهو رائد من رواد الدواء والخير في مصر على قدر سواء.

رابعًا: رقي وسمو الملتقيات الثقافية والفنية التي تقام في ذلك المكان، ولعل آخرها استضافته كورال سان أنجيلا المجري الذي قدم من بودابست بالمجر في ضيافة المركز الثقافي الأرثوذكسي، حيث قدم عددًا من الأناشيد الدينية المجرية التي تعود إلى القرنين الرابع والخامس عشر، وموسيقى مجرية شعبية تعود إلى القرن العشرين مصحوبة برقصات مجرية شعبية جذابة.

وكانت المفاجأة أن قدم كورال المجر أنشودة بلادي بلادي لك حبي وفؤادي باللغة العربية، كما قدم ترنيمة باللغة القبطية كتحية منه للكنيسة المصرية.

والحق، لقد وقفت معجبًا بكل ذلك النشاط لاسيما وأن عدد كورال المجر زاد على الخمسين فردًا، مما يعني آلافًا مؤلفة دفعت كي يأتي إلى مصر لأجل توثيق العلاقات بين البلدين، وتبادل الثقافة والفن بيننا وبين المجر، وهو ما تم في حضور سفير المجر بالقاهرة وعدد من السفراء الآخرين. 

وهو بهذا يسهم في تدعيم العمل المؤسسي داخل مصر وخارجها حتى تكون صورة مصر على ما يرام أمام الآخر؛ وكان حريًا أن يحل كورال المجر ضيفًا على وزارة الثقافة أو في إطار بروتوكول تعاون بينها وبين وزارة الثقافة المجرية، لدعم العلاقات الثقافية بين الشعبين، المصري والمجري.

خامسًا: إنفتاح إدارة المركز على كافة المؤسسات الوطنية الحكومية والأهلية دون تمييز، حتى يعمل الجميع يدًا واحدة من أجل مصر، فما أكثر الفعاليات التي تمت مع جامعة عين شمس أو بيت العائلة المصرية أو نادي روتاري وغيرها وتحمل جميعها الطابع الوطني.

سادسًا: لاحظت أن إدارة المركز تعمل كخلية نحل في مجال خدمة المجتمع، فما زلت أذكر أن المركز نفذ دورة تدريبية بالتعاون مع جامعة عين شمس لتأهيل وتخريج دفعة من المتحدثين بلغة الإشارة للصم والبكم على نفقة المركز، من مسلمين ومسيحيين، فالكل هنا واحد من أجل مصر؛ كما دعم واستضاف مؤتمرًا عالميًا عن التعايش السلمي في مصر منذ عامين. وأخيرًا يتمتع كل من يرتاده بخدمات تعليمية وتدريبية وبحثية متقدمة، لتتسع دوائر الفكر والثقافة لديهم.

تحية واجبة لإدارة هذا المركز ورئيسه ذي السمة الوطنية الخالصة التي تؤمن بأن الدين لله والوطن للجميع.

كاتب وأستاذ أكاديمي