رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حفنة كلام

يُحكى أن أحد تلامذة ابن رشد أخذ فى البكاء بينما كان العرب يحرقون كتب معلمه، فالتفت له المعلم ابن رشد وقال: إذا كنت تبكى حال المسلمين فاعلم أن بحار العالم لن تكفيك دموعاً، أما إذا كنت تبكى الكتب المحروقة فاعلم أن للأفكار أجنحة وهى تطير لأصحابها».

ومن يقرأ مقولة ابن رشد «الحسَن ما حسّنه العقل والقبيح ما قبّحه العقل» يدرك أننا فى أمس الحاجة للتنوير، وإذا كانت المجتمعات الأوربية التى يموت شبابنا غرقاً للجوء إليها قد استندت إلى ابن رشد فى عصر التنوير، فصارت كما نرى وصرنا عالةً عليهم فنحن العرب أحوج ما نكون لابن رشد والتنوير.

نحن ندعو للتنوير الذى يدعو فى أبسط صوره إلى إعمال العقل، والإسلام يدعو من قبل لإعمال العقل، فالعرب اليوم فى حاجة إلى عقل ثقافى يقود المواجهة ولا يتخلف عن الركب، ليعود المثقف رافعاً راية المواجهة الفكرية ضد التخلف والمتاجرة بالأديان، وحتى يجيب المثقفون عن السؤال: من أين جاء هؤلاء الدواعش والقواعد ومن على شاكلتهم؟

إن المتأمل فى الخطاب الثقافى الحالى يجد أن دعاة العلمانية يكررون أقوال الروّاد التى مضى عليها ما يقرب من قرن وفى حاجة إلى تجدد، وصار الخطاب المضاد للعلمانية أكثر تقبلاً من جمهور عريض لم يستسغ المصطلح لشدة ما أصابه من ضربات قاتلة من دعاة تغييب العقل الذين وجدوا فى الأمية الأبجدية والأمية الثقافية ضالتهم فوظفوا هاتين الأميتين لمصلحتهم فرأينا منذ النصف الأول من القرن الماضى تطويع النصوص المقدسة فى تفسيرات تجافى حقيقة الأديان السماوية التى تدعو إلى التسامح والوسطية، فأفقدوا النص جوهر رسالته ووجدوا فى الشباب وقود أفكارهم فى ظل ضعف المؤسسات الثقافية والتعليمية وبُعدها عن أداء دورها المنتظَر، ومن هنا ظهر دعاة التطرّف والتفجير والتكفير.

لقد تحدث المفكر الإماراتى على بن تميم عن الأقلام التى تخشى من عودة ابن رشد إلى الوطن العربي؛ لكنهم لم يأبهوا لها لأن ابن رشد فضحهم من قبل قائلا: «التجارة بالأديان هى التجارة الرائجة فى المجتمعات التى ينتشر فيها الجهل».

وكم حاول أبوالعلاء المعرى أن ينتصر للعقل لكنه هُزم بيد أنه صرخ قائلاً فى اللزوميات: «أيها الغرّ إنْ خُصِصْتَ بعقلٍ/ فاتّبعْهُ، فكلّ عقلٍ نبي».. وقال: «كذب الظنُّ لا إمام سوى العقل مشيرا فى صبحه والمســاء».

لقد صور البعض هيمنة أبوحامد الغزالى على الجموع العربية فى مقابل غيبة العقل الرشدى وحبذا لو جمعنا بينهما غذاء للروح والعقل.

مرحبا بابن رشد فى ديار العرب ومرحى بعودة العقل المنتظر حتى يقول لنا: «إن الحق لا يضاد الحق بل يوافقه ويشهد له» فمتى تحط أفكاره بأجنحتها فى عقول العرب؟

[email protected]