رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

كلام

حتى سنوات قليلة لم أكن قد اكتشفت أنور السادات، أعادت جيهان السادات تقديمه لى. وعندما اتيحت لى فرصة لقائها سمعتها تتحدث عنه حديث مُحبة مُعجبة، عاشقة لشخص الرجل الذى ملأ عليها حياتها، ومازال يملأ فكرها وتفكيرها.. أنور السادات رأيته فى عينى زوجته بطلًا فارسًا شجاعًا، وإنسانًا فريدًا من البشر.. ووطنيًا محبًا لبلده بكل اخلاص، عاش من أجلها و مات أيضًا من أجلها.. واعترف أننى لم أكن أرى أنور السادات بهذه الصورة التى رسمتها له السيدة جيهان. فقد رأيته كما رآه الجهلاء سلبيًا عنيفًا فى بعض مواقفه مفرطًا فى مكتسباتنا خائنًا لقضيتنا عميلًا لأعدائنا.

هكذا كانت صورة أنور السادات فى ذهنى. ولم أجتهد فى تغييرها، أو على الأقل معرفة حقيقتها، إلى أن أعادت جيهان السادات رسمها. وتلوينها بلون الحقيقة. وهناك اثنان آخران سأظل دائمًا أردد أن لهما فضلًا آخر فى تحسين صورة الرجل فى ذهنى المشوش، هما صديق السادات محمود جامع فى كتاباته ومقالاته عنه. وزميلى وصديقى الكاتب المبدع سليمان جودة، الذى يصر دائمًا على تسميته بالسادات العظيم. وهى تسمية لم أهتد إلى أحد قبله، وصفه ولقبه بها.. فكل من الرجلين كانا يراه بطلًا شجاعًا مخلصًا لوطنه وقضيته.

وبعد يومين يكون قد مر 37 عامًا على وفاة السادات ورحيله مقتولًا بيد الغدر و«الخيانة». يوم السبت القادم يكون قد مر 45 عامًا على النصر والاعجاز الذى حققه السادات وجنوده فى 6 أكتوبر 1973، والذى لم يكن أحد فى العالم يتوقعه. قبل أن يعبر المصريون قناة السويس، ويحطموا خط بارليف الحصين، ويقضوا على أكذوبة الجيش الاسرائيلى الذى لا يُقهر.. ويتركوا جرحًا غائرًا فى اللحم الإسرائيلى لم يلتئم حتى الآن رغم مرور الزمان.

حرب أكتوبر التى قالت عنها جولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل وقتها « إنها كارثة وكابوس مروع قاسيت أنا منه، وسوف يلازمنى مدى الحياة».. وقال عنها موشى ديان وزير الدفاع «إن حرب أكتوبر كانت كزلزال هز إسرائيل من داخلها، فأفقنا على واقع جديد». وقال ابا ايبان وزير خارجية إسرائيل «بعد حرب أكتوبر لابد من إعادة النظر فى علم البلاغة الوطنية. وعلينا أن نكون أكثر واقعية ونبتعد عن المبالغة». وقال حاييم هرتزوج رئيس إسرائيل فى مذكراته عنها « إن حرب أكتوبر انتهت بصدمة كبرى لكل الإسرائيليين. ولم يعد موشى ديان كما كان من قبل، وانطوى على نفسه، وأصبح يمزقه الشك والتردد والعجز».

ولعل الذين رفضوا دعوة السادات للمشاركة فى صنع السلام هم الآن الخاسرون، أراضيهم مازالت مرهونة بيد الاحتلال. ومازالوا يعضون على أصابعهم من الندم، بعد أن وضعوها فى آذانهم حتى لا يسمعوا دعوته للسلم.. فقد كان ذكيًا محنكًا سبق برؤيته عصره.

أنور السادات الذى اتهمته كالملايين غيرى بالعمالة والخيانة، أجدنى اليوم بعد أكثر من ربع قرن على رحيله، مدينًا له باعتزار واجب. فقد كنت مخطئًا فى حقه، وسرت فى مظاهرات تهتف بسقوطه، وكتبت ووزعت وأنا طالب منشورات تنعته بأحط الصفات.. اليوم أجدنى أنحنى إجلالًا وتعظيمًا لروح «الشهيد» السادات الذى حقق المعجزات. دون أن نكون نعلم أنه الوطنى المخلص الشجاع.. وأكرر الشكر كل الشكر منى لجيهان السادات ومحمود جامع وسليمان جودة، فقد فتحوا أمامى الباب لأعيد اكتشاف هذا الرجل العظيم.