عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

على مقهى يطل على البحر بمعشوقتى الإسكندرية، جلست مع زوجى، كانت النخاسة تجلس ومعها طفلتان، أى والله لم يتجاوز عمر أى منهما 15 عاما، وكان الشارى «العتل» غير المصرى يقلب نظره بينهما ليختار، وكأنه يقلب بين «بهيمتين»، بديهى كأم.. كإنسانة.. كصحفية.. شدنى المشهد وظللت أراقب وهو يرمى بياضه «عشوة فاخرة» والفتاتان البسيطتان تلتهمان الطعام فى جوع وشغف، والنخاسة تساوم وتفاوض، ورغم الهمس، كان صوتها يصلنا لقرب الموائد، فكرت وزوجى ونحن نغلى كيف نتصرف، وقبل أن نصل لقرار، كان أربعتهم قد غادروا المكان واختفوا فى زحام الشارع المليء بالمقاهى والبشر وبسماسرة الشقق وكل شىء، فقدت متعة النزهة، وأنا أكمل فى ذهنى باقى السيناريو البغيض وما تتعرض له الطفلتان من أجل لقمة عيش، فأين أسرتهما، وأين حتى الرحمة من هذا العتل الشيطان.

سلعة، زبانية الشيطان يحولون الطفلات البريئات إلى سلعة، تنتهك براءتها وآدميتها، كثير من تاجرات وتجار الرقيق الأبيض يقعون فى يد الشرطة، وكثير من لصوص الأعراض منتهكى الحرمات لا يقعون، لأنهم مستترون خلف المناصب والمقاعد والجدران، وكما أشرت الأسبوع الماضى، هناك المدرس الذئب، وهناك أيضًا أستاذ الجامعة الذئب، وصاحب العمل الذئب، والزميل الذئب، وكم سمعت شكاوى من فتيات يعددن الماجستير والدكتوراه، وتعرضن للتحرش من المشرفين على رسالتهن، وعليها أن تقبل وتتغاضى لتنهى رسالتها لتحصل على الدكتوراه.

التحرش المبكر ببناتنا فى المدرسة، الشارع، الجامعة، للأسف خلق لدى نسبة منهن الاستعداد الدائم للتنازل والتفريط فى كرامتها أو حتى شرفها مقابل الحصول على ما تريد، هل ننكر أن نسبة من فتياتنا حين يتقدمن لطلب وظيفة ما أنها تتزين بفجاجة وتظهر من مفاتنها ما تيسر وما تعسر وهى فى مقابلة «البيه المدير» لعلمها المسبق أن مفاتنها جواز مرورها للوظيفة حتى لو كانت إمكانياتها العملية (صفر)، أما المحتشمة المحترمة فستفقد حتما فرصتها فى التوظيف، وعلى الحسناء الدلوعة التى فازت أن ترضى مديرها بكل الطرق، وإلا كان مصيرها رصيف البطالة مجدداً، هل ننكر أن مفاتن وأنوثة البنت هو المعيار الأول لقبولها فى أى عمل بالقطاع الخاص، هل ننكر أن كثيراً من السكرتيرات الخاصات كن سببا فى خراب آلاف البيوتات بسبب إغرائهن للبيه المدير.

هل ننكر أن نسبة من العاملات والموظفات لا تحظى بأى اهتمام بعملها أو تقدير من رؤسائها أو حتى معظم زملائها إلا إذا قبلت غزل هذا، وغلاسة وتحرشات هذا، وأن منهن من تضطر لتقديم التنازلات لتحصل على حقها، بل لشدة أسفى هناك من عرفت أصول اللعبة، وصار جسدها طريقها لتحقيق الترقى والحصول على ما هو ليس من حقها والصعود على أكتاف زميلاتها.

هل ننكر أن سلوك المتحرشين فاقدى الأخلاق والدين، كان السبب فى دفع نسبة لا يستهان بها من المصريات إلى أن تأكل «بثدييها»، رغم كونها حرة وأصيلة وبنت ناس، ولكنها منذ وعت وتنبهت إلى احتياجاتها فى الحياة، وجدت أن كل هذه الاحتياجات يتحكم فيها للأسف حفنة من الرجال المتحرشين فاقدى القيم، هؤلاء الذين «لا يعتقون» أى أنثى تمر من تحت أيديهم، طالما تحتاج إليهم.

 ما يحدث فى بلدنا الحبيب المتدين المحترم من معدلات استغلال للأنثى وإجبارها على تقديم التنازلات من كرامتها وجسدها، لا يحدث فى أى دولة علمانية مادية، ومما يزيد «الطين بلة» خوف الفتيات من فضح تلك الممارسات «القذرة»، خشية الضرر المادى من رسوب تعليمى أو فقدان وظيفة أو فرص ترقى، بل وأصبحت عبارة «مشى حالك» متداولة بين بعض الفتيات، وينسى الرجال أن هؤلاء بمثابة بنات.. أخوات.. قريبات.. زوجات ينسون أنهم كما يفعلون ببنات الناس، سيفعل رجال على شاكلتهم ببناتهم.. وللحديث الصعب بقية.

[email protected] com