رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مراجعات

بدأ العام الدراسي الجديد.. ومعه تجددت المعاناة السنوية للآباء وأولياء الأمور، بسبب الارتفاع الجنوني في أسعار الكتب والحقائب، والأدوات والأقساط المدرسية، والمواصلات والملابس.. وحتى الدروس الخصوصية!!

هذه السنة تحديدًا، تختلف عما سبقتها، حيث اشتد فيها مبكرًا خناق الضائقة المالية على كاهل الأسر المصرية، التي خارت قواها في مواجهة زيادة المصروفات والأعباء، بشكل فاق حدود المنطق، ولم يسبق له مثيل.

ورغم ارتفاع الأسعار والغلاء والحالة الاقتصادية المزرية التي يعاني منها الغالبية العظمى من الشعب المطحون، إلا أن منظومة التعليم ـ كانت ولا تزال ـ في حال يرثى لها منذ عقود، سواء في مستواها أو مخرجاتها.

تلك المنظومة، المهترئة والراسبة بامتياز، لا يوجد بها استراتيجية واحدة، أو منهج وطني موحد، في ظل وجود أنواع للتعليم في مصر، كما لو أننا فى دول عدة، بقوميات مختلفة.. ما بين الحكومي، الفني، الثانوي العام، الأمريكي، الفرنسي، البريطاني، الألماني، الأزهري.. وللأسف المحصلة لا شيء!!

قبل أيام، تم تطبيق «نظام التعليم 2»، الذي بدأ بمرحلة رياض الأطفال، والصف الأول الابتدائي، ويحل تدريجيًا محل النظام القائم، لتتخرج أول دفعة وفقًا لهذا النظام الجديد بحلول عام 2030، إضافة إلى توزيع أكثر من 750 ألف «تابلت» على جميع طلاب الصف الأول الثانوي «مجانًا»!

ورغم أن النظام الجديد يحمل العديد من الإيجابيات، إلا أن فيه من السلبيات، ما يجب مناقشته وإعادة النظر فيه وعدم الإصرار عليه.. لكن تلك المعوقات تظل مجرد تفصيل صغير، إذا وضعنا بعين الاعتبار أن التعليم في مصر سيظل دائمًا مجرد حقل تجارب.

بالتأكيد نتفق مع ضرورة تطوير تلك المناهج العقيمة، التي عفا عليها الزمان، ولا تستطيع مواكبة سوق العمل، لاعتمادها على الحفظ والتلقين، لا حرية الفكر والإبداع والابتكار، ولكننا نستغرب من إهمال باقي عناصر المنظومة التعليمية، والاكتفاء فقط بما يسمى «بنك المعرفة»!

ربما كان من الأفضل بدء تغيير حقيقي للمنظومة التعليمية، من خلال وضع استراتيجية شاملة، تتضمن تطوير البنية التحتية (المدارس، الفصول، الأدوات، المختبرات)، إضافة إلى تطوير للمناهج، وتحسين أحوال المعلمين، وزيادة ميزانية التعليم بشكل عام وتدريجي، بالحد الذي يسمح بمواكبة الدول النامية.

نتصور أنه يجب تغيير نظرتنا للتعليم، باعتباره قضية أمن قومي، بكل ما تحمله الكلمة من معنى، ولذلك نتساءل بصدق: متى وكيف يكون لدينا تعليم حقيقي قادر على ضمان مستقبل أفضل لأبنائنا، وبناء دولة عصرية قادرة على المنافسة في ظل التحديات العلمية والتكنولوجية الراهنة.. وما ضمانات نجاح النظام الجديد، الذي ظهر فجأة، ولا يعرف الكثيرون ـ من أصحاب الشأن ـ عنه شيئًا!

إن نجاح النظام الجديد لا يمكن أن يتحقق، دون وجود اقتناع أو رغبة حقيقية من كل أطراف العملية التعليمية، وكذلك استعادة ثقة أولياء الأمور والطلاب والمعلمين بالمنظومة.. ولذلك فإن انتظار نتائج ملموسة من إصلاح جزئي، أشبه بمن يقوم بطلاء واجهة مبنى آيل للسقوط!

كما أنه في ظل وضع اقتصادي بائس، لم يعد هناك مجال للتجربة، أو استيراد تجارب مختلفة حول العالم، لأن المنظومة التعليمية الحالية أصبحت منتهية الصلاحية منذ عقود، ولم تعد قادرة على تخريج أجيال تستطيع النهوض بالمجتمع.

أخيرًا.. إن بواعث النهضة الحقيقية لأي دولة، لن تتحقق إلا بالعلم والبحث العلمي، وتوفير بنية حقيقية، وإيجاد مناخ صحي، وثقافة مجتمعية مختلفة، ومنظومة تعليمية محترمة، وتحديد مواطن الخلل بشكل دقيق، ومعالجة أوجه القصور.. وقبل ذلك وجود إرادة سياسية شاملة للتطوير!

[email protected]